الجمعة، 6 سبتمبر 2013

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد ( الفصل العاشر )

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد 
الفصل العاشر



عاد إليها ولكنه وجد باب مكتبها مغلق فظن أنها أغلقته لتبكى وحدها دون أن يسمعها أحد وحتى لا يفاجأها والده بدخوله عليها وهى تبكى  ..  فتح الباب ببطء ليطمئن عليها ولكنه سمعها تتحدث فى الهاتف .. أستمع لما تقول .. كادت عينيه أن تخرج من مكانهما وكاد وجهه أن ينفجر غضباً وبغضاً من هول ما يسمع
وقف دقائق يستمع ويستمع وعندما أنتهت عاد إلى المصعد مرة أخرى وهبط إلى ألأسفل وأستقل سيارته .. أستند برأسه ألى ظهر المقعد وأغلق عينيه وهو لا يكاد يصدق ما سمع .. كلمات زلزلت كيانه وفطرت قلبه ضرب .. لا يعلم كم مر عليه من الوقت وهو فى هذا الوضع فلم يعد يشعر بشىء غير الجمود
حتى سمع طرقات على زجاج سيارته فتح عينيه  وألتفت فوجد والده قد عاد ...  قلق الحاج حسين بشده وهو يرى أبنه فى هذا الوضع فهو يعلم أنه لا يجلس هكذا إلا إذا كان يشعر بألم حقيقى .. فتح الباب وجلس بجواره قائلا بلهفه:
- مالك يا عبد الرحمن قاعد كده ليه يابنى ؟
أرسل تنهيدة قويه وهو يقول:
- تعبان يا بابا
 ظهر التوتر أكثر على ملامح الحاج حسين وهو يقول متسائلا:
- تعبان ازاى يعنى .. فهمنى
أغمض عبد الرحمن عينيه بألم وهو يقول :
- هحكيلك كل حاجه يا بابا ... وقص عليه كل ما دار بينه وبين هند وكيف عاد حتى لا يتركها بمفردها متألمة منه وماذا سمع منها وهى تتحدث فى الهاتف
أنهى حديثه قائلا بأسى:
-  أنا آسف يا بابا مكنتش أعرف أنها كده
ربت والده على كتفه بقوة وقال بعزم:
- أجمد يا عبد الرحمن الدنيا فيها ناس كتير بالشكل ده يابنى وأنت مش صغير واللى حصل ده يعلمك مش يزعلك كده يابنى
أومأ عبد الرحمن برأسه فى صمت حزين قاطعه والده قائلا:
- تعالى معايا
- لا يا بابا .. مش عاوز أشوفها تانى بعد النهاردة
أمسك والده ذراعه قائلا بتصميم:
- لا هتيجى معايا .. عاوزك تسمع بس متعلقش على حاجه.. تعالى

قطع الحاج حسين الممر الطويل المؤدى إلى ردهة مكتبة الخاص  بصحبة عبد الرحمن ..  نهضت هند عندما رأتهما ... فأشار لها أن تلحقهما إلى المكتب
جلس الحاج حسين خلف مكتبة وأشار إلى عبد الرحمن أن يجلس فى المقعد المقابل له... دخلت هند لتقف أمامه وكانت تتوقع أمراً من أمور العمل طلبها لاجله  ..  ولكنها تفاجأت به يقول:
- لو سمحتى روحى هاتى شنطتك
نظرت له فى دهشة وأستنكار .. فأعاد أمره مرة أخرى:
- هاتى شنطتك يا هند
خرجت بخطوات بطيئة .. يدور بخلدها ألف سؤال وسؤال
أحضرت حقيبتها وعادت اليهما .. فمد يده أمامه قائلا بلهجة آمره:
- هاتى تليفونك
أخرجت هاتفها وأعطته أياه:
- ضغط عدة ضغطات على لوحة المفاتيح ثم أدار شاشته لها وقال بجدية:
- رقم مين ده اللى كنتى بتكلميه من شويه
أرتبكت بشدة وزاغت نظراتها وهى تقول:
- دى واحده صاحبتى .. نظرت إلى عبد الرحمن فوجدته يشيح بوجهه عنها ويكسو وجهه الحزن والضيق
فقالت :
-  خير يا فندم
 نظر لها الحاج حسين وقال بثقة:
- كدبتى ليه عليا وقولتى أن الجواب كان فى صندوق البريد بتاع الشركة
هوى قلبها إلى قدميها وأحمر وجهها خوفا لا تعلم ماذا تقول وكيف تفعل فلجأت الى الكذب مره أخرى وقالت:
- ماهى هى دى الحقيقه يا حاج .. أنا فعلا لقيته فى الصندوق
خبط على المكتب فأنتفض جسدها وقال محذرا:
- هتكدبى تانى الجواب ده وصلك بالايد ...صح
ظهر الرعب على وجهها وقالت مدافعه عن نفسها:
- مين اللى وصلك الكلام ده يا حاج اللى قالك كده كداب
أشار الى عبد الرحمن الذى كسى الحزن وجهه أكثر وأكثر وقال:
- عبد الرحمن هو اللى قالى
صمتت فى دهشة وخوف لا تدرى ولا تفهم كيف عرف عبد الرحمن بالامر
تابع الحاج حسين كلامه:
- عبد الرحمن سمعك وأنتى بتتكلمى فى التليفون يا هند  ده أجابة  السؤال اللى بيدور فى دماغك دلوقتى
أستندت الى أقرب مقعد لها فلقد تخلت عنها قوتها وأصفرت الدنيا أمامها وكادت أن يغشى عليها من الصدمه وبدأت فى البكاء
نهض عبد الرحمن قائلا:
- أنا مروح يا بابا عن أذنك أومأ له والده بالموافقه فانصرف دون أن يلتفت وراءه ليخفى ألمه وندمه ويداوى جرحه العميق
نهض حسين من مقعده ووقف بالقرب منها وقال:
- معقوله يا هند .. ده أنا كنت بعتبرك زى بنتى بالظبط تقومى تخونينى كده
بكت بشدة أكبر وقالت بمرارة:
- والله يا حاج أنا مكنت أقصد أنى أخونك أنا قلت يعنى ده مجرد جواب هوصلهولك وخلاص وبعدين هى فهمتنى أن الجواب ده فى معلومات حضرتك بتدور عليها بقالك سنين وقالتلى أن ده عمل خير
أبتسم فى سخريه قائلا:
- وهو عمل الخير اليومين دول بياخدوا له مقابل...
هتفت ببكاء:
- والله يا حاج أنا مطلبتش منها فلوس هى اللى عرضت عليا الفلوس علشان تتأكد أنى ههتم وأوصلك الجواب بنفسى لحضرتك لأنها كانت خايفه حد تانى يشوفه وميوصلهوش وأنا كنت محتاجه مبلغ كده فى الوقت ده وكنت مكسوفه أطلب سلفه من حضرتك .. وهو ده كل غلطى أنا آسفه يا حاج أنا آسفه
أنفعل عليها قائلا:
- أنتى لسه بتكدبى يا هند أنتى خدتى منها رقمها علشان تقوليلها أخبارى أول بأول صح .. أنا مش عارف أنتى مستمرة فى الكدب ازاى وانا بقولك عبد الرحمن سمعك وانتى بتكلميها
أمتقع وجهها وقالت بارتباك:
- لا والله يا حاجه أنا منقلتش أخبارك لحد هى لما أدتنى الرقم قالتلى علشان لو حصل وحضرتك مقرتش الجواب لأى سبب أبلغها
وبعد كده كانت بتتصل عادى تقولى أزى الحاج عامل أيه وأزى عبد الرحمن ويوسف وأنا كنت بتعامل معاها على أساس أنها قريبتكوا يعنى فبقولها كويسين وخلاص
كاد أن ينفعل عليها مرة أخرى ولكنه صمت قليلا ثم قال فجأة :
- خلاص يا هند أنا مصدقك .. بس أنتى عارفه طبعا أنك غلطتى والغلط ده مينفعش يعدى كده
قالت بلهفة:
- الله يخاليك يا حاج مترفدنيش أنا محتاجه الشغل ده اوى
نظر لها بتفكير وقال:
- أنا مش هرفدك بس أبنى مجروح منك أوى ومش هيستحمل يشوفك هنا تانى .. أنا هنقلك مكان تانى تكونى بعيده شويه عنه مش عاوزه يضايق كل ما يشوفك
قالت بحيرة:
- يعنى يا حاج هو قرر.....
قاطعها الحاج حسين قائلا:
-  سيبيه شويه كده لما يفوق من صدمته شهرين تلاته  يكون نسى وهدى وبعدين أبقى أتكلمى معاه .. يالا دلوقتى خدى شنطتك وروحى وبكره إن شاء الله تيجى على شغلك الجديد
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""
- معقوله يا حاج أيه اللى أنت بتقوله ده أزاى تسيبها فى الشركة بعد اللى عملته
أعتدل الحاج حسين فى جلسته وهو يجيب زوجته عفاف قائلا:
- أهدى بس يا أم عبد الرحمن أنا عارف بعمل أيه كويس ... هند بتشتغل معانا من زمن ومعاها أسرار كتير عن شغلنا متنسيش أنها مديرة مكتبى ومسؤله عن ملفات كتيرة .. لو طردتها وقطعت عيشها هتقول عليا وعليا أعدائى  .. أذا كانت خانتنى وهى شغاله معايا ومخطوبه لأبنى يبقى هتعمل أيه لما الخطوبه تتفسخ وكمان أطردها من الشغل

قالت عفاف بتفكير:
- طب وبعدين
- ولا قابلين أنا قلتلها تسيب عبد الرحمن شهرين تلاته على ما يهدى .. أكون أنا غيرت تفاصيل وحاجات كتير فى الشغل وساعتها تبقى المعلومات اللى هى تعرفها قديمه ومالهاش لازم وضررها هيبقى قليل أوى إذا مكنش معدوم يعنى ..  والمكان اللى نقلتها فيه مفيهوش حاجه تعرف تضرنا بيها ولا تستعملها مع شركات معندهمش ذمه عاوزه تضربنا فى السوق
عفاف:
- والله يا حسين أنا مش عارفه أنت بتعرف تمسك أعصابك كده ازاى مع واحده خانتك بالشكل ده
ضحك وقال:
- أصلها بصراحه خدمتنى مرتين تلاته كده من غير ما تحس
نظرت له بتعجب فأومأ برأسه قائلا:
- زى ما بقولك كده خدمتنى وضرت نفسها ..
تنهد بقوة وتابع كلامه:
- أحلام كانت بتستخدمها علشان تعرف أخبارنا وأخبار يوسف علشان تعرف تقربه من مريم وأبتسم قائلا:
- وأنا معنديش مانع أنا نفسى فى كده أنا كمان
بس هند بقى بغبائها لما لاقت عبد الرحمن معجب بكلام إيمان وكمان راح قالها حلال وحرام أفتكرت أنه بيطفشها علشان خاطر إيمان فأتصلت بأحلام وجابت اللى عندها كله
قالتلها أنا أقدملك يوسف على طبق من دهب وأنتى عاوزه تطلعينى من المولد بلا حمص
تنهدت عفاف بألم وقالت:
- ياعينى عليك يا عبد الرحمن .. ده كان بيحبها اوى .. علشان كده يا عين أمه مخرجش من أوضته من ساعة ما رجع وقاعد فى البلكونه من ساعتها حتى مرضيش يتعشا

ثم نظرت له فجأة بأنتباه وكأنها انتهبت لحديثه فى التو وقالت:
- يعنى أيه أنت كمان عاوز كده يا حاج
حسين:
- يعنى هى خططت علشان تقرب مريم من يوسف وتشغلها معاه وأنتى عارفه يا عفاف أنى عاوز ولاد أخويا يفضلوا فى حضنى علشان كده بقولك وأنا معنديش مانع
المهم عندى أن مريم تحب يوسف مش تبقى عاوزه تتجوزوا علشان تنفذ خطت أمها وخلاص
عفاف:
- وتفتكر مريم متفقه مع أمها يعنى
حسين :
- مش متأكد يا عفاف ... لما كانت متحمسه فى الاول علشان تشتغل معاه كان ممكن اقول اه عارفه
لكن بعد المشاكل اللى حصلت بينها وبين يوسف مبقتش متأكد
لأنها لو كانت بتنفذ كلام أمها كان زمانها بتسمع كلامه وأنتى عارفه يوسف بيتبسط من الست اللى بتسمع الكلام وأكيد أحلام وصلت المعلومه دى لمريم
وطالما مريم منفذتهاش يبقى اللى أنا حسيته أمبارح فى المكتب وهما بيتخانقوا قدامى كان صح
ألتفتت إليه عفاف بتسائل وقالت :
- أيه اللى أنت حسيته ....  وهى أحلام يعنى بتعمل كل ده ليه
قال حسين بلا مبالاه:
- مش مهم دلوقتى .. أهم حاجه عندى دلوقتى عبد الرحمن عاوزه يخرج من الحاله دى قلبى وجعنى أوى عليه الله يكون فى عونه مش سهل عليه اللى حصل ده

""""""""""""""""""""""""""""""""""""
كانت هند تجلس فى فراشها وتبكى بشدة وقد تورمت عيناها من كثرة البكاء
جلست أختها علا بجوارها ومسحت على ذراعها وحاولت أن تهدئها لكن هند نفضت يد أختها فى قوة قائله:
- أبعدى عنى أنتى السبب .. أنتى السبب
وقفت علا ووضعت يديها فى خصرها قائله:
- نعم يا ماما أنا السبب ازاى يعنى
أنا بس شجعتك أنك توصلى الجواب وتاخدى الفلوس لكن مقلولتلكيش تقوليلها أخبار أخو خطيبك يا هانم
وأنتى أصلا غبيه لو كنتى قلتيلى كنت هقولك لاء لأن اللى ترسم على واحد ممكن أوى ترسم على أخوه وتطلعى أنتى من المولد بلا حمص وأهو ده اللى حصل يا ناصحه
قالت هند برجاء:
- لا لا عبد الرحمن مضعش منى هو بس مصدوم وعاوز فرصه يهدى وبعدين مش هيقدر يبعد عنى أنا متأكده .. متأكده
علا:
- وأنتى فاكره أن أبوه هيسمحلك تدخلى عيلتهم بعد اللى عرفه .. والله أنا لو منك أنتقم منه ده أنتى تعرفى عنهم بلاوى

هند:
- لا الحاج حسين نقلنى بس علشان ميحصلش صدام بينى وبين عبد الرحمن لكن أنا متأكده أنه مش هيعارض لو عبد الرحمن عاوزنى .. ليه أروح أعاديه وأخسره للأبد
علا:
- وتفتكرى يعنى اللى أسمها أحلام دى وبنتها هيفوتوا الفرصه دى أكيد هيستغلوا بعدك عنه ويفضلوا وراه لحد ما يتجوزها
نظرت لها هند نظرات شارده وقالت :
- خاليها بس تحاول تاخده منى  وأنا هوريكى هند ممكن تعمل ايه
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
كان عبد الرحمن يجلس على مقعده الخاص به فى الشرفه مغمض العينين يستعيد كل ذكرياته مع هند كل كلمة حب قالها لها وكل نبضة قفز بها قلبه لاجلها .. فتح عينيه ببطىء لينظر الى الحديقة المظلمه وكأنه ينظر الى الظلام المحيط بقلبه فلقد أنطفأت شمس حبه
رأى الرياح تعبث ببعض أوراق الشجر فتقاوم بعضها ويستسلم البعض الاخر فتسقطها أرضا .. نعم من يستسلم للرياح يسقط فيصبح جزءا من الارض ليداس بالاقدام كما تداس الارض التى سقط إليها راضياً
لمعت عيناه وقاتلة الدموع بضراوة من أجل أن تهبط إلى مجراها لتروى ظمأ محنته
ولكنها وجدته مقاتل من الدرجة الاولى لم يسمح لها وسجنها فى محبسها ليحتفظ بها ويجعلها مدادا لحياته القادمه والتى قرر أن تكون بلا حب وبلا مشاعر وبلا قلب المعنى الحقيقى للجمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق