الاثنين، 14 أبريل 2014

بــقايــا أمــرأة





جلست تحدق بى تختنق الدموع بعينيها وتصر على عدم الهطول تصر على التحديق ياترى أهى مصدومة إلى تلك الدرجة أم هل فقدت عقلها ..أمسكت بكفها المرتعش بين راحتي وأبتسمت بتفهم أطرقت براسها تنظر إلى يدى وقبضت بقوة عليها .. شهقت بعنف وبدأت الأحداق تمطر بلا توقف وتعلو الشهقات واحدة تلو الأخرى .. ما بكِ يا صديقتى ؟ لم اقولها ولكنها قرأتها فى عينيى أختنق صوتها وأضطرب حلقها تحولت المرارة إلى حاجز كبير يطبق على حروفها يمنعها التنفس قبل الحديث .. ربت على كتفها لاشد من أزرها وسحبت يدى أجفف دمعها ثم عدلت من خصلات شعرها المتناثرة والتى اصرت على الألتصاق بوجنتها هل ترتوى دمعا أم تخفى علامات الشيخوخة التى ظهرت قبل أوانها بكثير .. وأخيرا تنفست وارعدت وارتجت بقوة بين يدى .. لم تحاول أن تسيطر على ارتعاشة جسدها لم تحاول أن تتجمل أمامى فهى تعلم من أنا وأنا اعلم من تكون . قالت بآنات متواصلة وشهقات متقطعة " صديقتى" لقد نفذ عمرى وشبابى وصباى ومالى وأحوالى إلى جوار بئر سحيق ليس له آخر ليس له قاع كلما أعطيت كلما ابتلع بنهم يلتهم أعصابى يوميا يلتهم حياتى يوميا يلتهمنى وأنا الاسيرة فى محرابه لا أعلم لى ملجا غيره ولا بيت غير بيته ولا فراش غير فراشه ظلت هكذا لسنوات كلما رايت نقائصه تماديت فى جهلى كلما أخذ كلما أعطيت مشيت على حافة جحيمه سنوات وسنوات معصوبة العينين وأخيرا ابصرت .. ابصرته ولم تكن تلك المفاجأت لكبرى .. لكن ما قطع أوصالى أنى ألتفت إلى مرآة حياتى لقد تغيرت يا صديقتى لقد تغيرت كثيرا فقدت نضارة فؤادى حُرمت صبا أملى لم أتعرف إلى نفسى .. ما هذا الشىء الذى يسمى أنا .. من تلك المرأة العجوز فى سن الشباب من هذه مستحيل أن تكون أنا .. ماذا فعلت به لصفح أحلامى ويرمى بها إلى قبوه السرمدى قدمت كل شىء وفى النهاية أطعمنى الحسرات تلو الحسرات وزين طبقه المفضل بالحرمان .. الحرمان من كل شىء .. من كل شىء .. لماذا .. لماذا .. وظلت تردد سؤالها اللانهائى مرات ومرات وانا صامتة لا جواب لدى لا علم لى .. أنا أعرفها منذ سنين لقد كانت نضرة متفتحة يكسوها الحماس من كل جانب متطلعة دائما للمستقبل تنتظرة لتعطيه كل الحب وكل القلب وكل الروح .. جمعت مشاعرها له وحده وحفظتها من كل دنش له وحده وجلست تنتظره تحلم وتحلم  وهاهى الان تسقط تسقط بعنف تسقط بقوة أرى حديثا بين شفاها خجلت من قوله أرى قلبها ينبض ببعض الكره بعض الحقد والكثير من الحسرة والندم .. ايعقل أن نكره من أحببنا يوما ؟ !! أيعقل أن نحقد على من منحناهم أعمارنا وكل ما نملك طواعية ؟!! .. وبكل تصميم وحزم قالت بعنف .. لا أريده لم يعد زوجى حتى وإن بقيت فى بيته ارعى أولاده ولكنه لم يعد زوجى ولم يعد قلبى له .. أرتجفت عندما تخللت كلمتها الأخيرة بأذنى "لم يعد قلبى له " ؟ .. صديقتى إذن اصبح قلبك لمن ؟ صديقتى أتعقلين ما تقولى ؟ أبتسمت بمرارة قاتمة بالليل الحالك السواد وهى تنفث جحيم نارها المتأججة بصدرها .. نيرا ن أمرأة مهملة مهد لها زوجها طريقاً للفتن ووضعها على مشارفة وتركها وحدها تخوضه ياترى هل هى خائضة ؟ ارتمت بين ذراعى لملمتها بين أضلعى .. حاولت أن أطفىء بعض لهيبها ببعض كلمات الصبر والسلوان ولكن يبدو ان النيران مشتعلة بقوة وأحرقت ما بداخلها كل شىء جميل .. لقد أحرقت جمال روحها وعِفت لسانها وسكن قلبها حتى أصبحت تنكر نفسها تكاد تخطأها فى المراة !! أنها  أمرأة لم تلقى سوى الأهمال والهجر والصمت القبيح الذى كان صخبه يقتلها ويشق صدرها يحرثه حرثاً شديدا ليبذر فيه بذور الندم على ما كان .. وقفت عند بابى تودعنى شعرت أنها تودعنى حقاً شعرت أنها لن تعد مرة أخرى لقد كانت متهالكة للغاية متعثرة خطواتها .. ستعود إلى بيتها بيتها التى حلمت أن تعيش فيه أمراة .. أمرأة كاملة وبعد كل تلك السنون خرجت منه بقايا أمرأة .. ناديتها فألتفتت تمسح دمعها فوجدتنى اقول .. "صديقتى دموعك تلك تستحقها سجدة بين يدى الله ولا يستحقها رجل أحمق " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق