الأحد، 13 أبريل 2014

رواية حكايـــة حبيبــــة .. الفصل الخامس

روايـــة حكايـــة حبيبــــة

الفصل الخامس

وأمام ضراوة صفعات الدنيا المتوالية لا نتألم كثيرا ً من صفعات كفوف المقربين منا , إنما هي فقط تجعلنا نرتد إلى الخلف مبتعدين فى الوقت الذى نتمنى فيه الإقتراب منهم أكثر , نتمنى  لو نرتمى فى أحضانهم , تحتوينا صدورهم وقلوبهم وهمساتهم الداعمة لنا .. لذلك لم تؤلمها الصفعة التى هوت ببعض الضعف مرتطمة بوجنتيها بل ما آلمها أنها لم تجد حضن والدتها  فيه بعض المتسع لها ..
ترقرق الدمع بعينيها وهى ترى خيوط الغضب منسلة من عينين أمها وهى تجذب حقيبتها المعلقة بيدها بقوة وتفتحها لتتناول هاتفها المحمول وتشد عليه قبضتها صائحة بغضب:
- لا دخول ولا خروج ولا حتى تليفونك هيفضل معاكى .. أنا عمرى ما كنت أتصور إن بنتى أنـا .. بنت "فريدة" هانم تروح تجرى ورا صعلوك زى ده .. إتفضلى على أوضتك مش عاوزه أشوف وشك ..
أخفت وجهها خلف راحتها وهى تسرع نحو غرفتها بخطوات تقترب إلى العدو لا تعلم هل تخفى دمعها أم تتأكد أنها قد صُفعت بالفعل ... آوت إلى غرفتها وأسرعت إلى فراشها ..أغمضت عينيها وهى تبلل شفتيها بحرقة وألم .. تشعر بأنها تغلق عينيها على أشواك تنغزها بين جفنيها بلا توقف .. وألم عظامها ينخر بقوة بين مفاصلها طالبة بعض الراحة والسكينة بعد كل ما مرت به .. ولم لا قد يكون النوم بعض سُبل الهرب المريحة لذلك القلب المنهك والجسد المتهالك الذى كاد أن ينتهك هو الآخر .
***
***
كادت أن تصبح فى عزلة تامة لولا أن أسرعت بها الأيام وإقتربت مواعيد إختبارات الجامعة .. حاولت أن تتواصل مع إحدى صديقاتها المقربات عن طريق الهاتف الأرضى وإنغمست قليلا بين دفتى كُتبها خائضة فى مضمار ( الهام و المقرر والملغى ) متناسية ما حدث لها فى تلك المدينة القاهرة لها دائما وما تبعها بعد ذلك فى الإسكندرية فى محاولة مستمية فى أن تطوى ذكرياتها طيا ً غير مزعج لا يترك خلفه آثار واضحة على شخصيتها التى تميل إلى البساطة والتصالح مع الذات ومع من حولها ..
وفى نهاية آخر يوم من أيام الإختبارات وقفت بصحبة صديقتها المقربة وقد إستندت صديقتها إلى سيارتها الحمراء وقالت بسعادة:
- بجد مش مصدقة إننا خلصنا إمتحانات
رفعت "حبيبة" نظارتها الشمسية وهى تلتفت إليها معقبة:
- قصدك خلصنا الكلية خلاص
فرقعت صديقتها بإصبعيها وهى تقول بمرح:
- وبالمناسبة الحلوه دى هافسحك فسحة النهاردة عمرك ما حلمتى بيها

أنهت عبارتها وهى تفتح حقيبتها مستطردة :

- هى فلوس أبوكى دى مش هتخلى عندها دم وتجيبلك عربية يالا إركبى على ما أشوف مين بيتصل

مطت "حبيبة" شفتيها بعدم رضا وهى تلوح بيدها بضجر قائلة :

- قولتلك قبل كده مليون مره مبحبش السواقه ..أعصابى خفيفه وبعدين مالها يعنى التاكسيات

 أشارت إلى "حبيبة" وهى تقول بدهشة:
- إستنى ده رقم مامتك هو إنتى موبايلك مش معاكى برضه ولا إيه
زاغت نظراتها وهى تنظر إلى صديقتها لا تعلم بماذا تجيب ثم قالت بإرتباك :
- مش عارفه بنساه كتير ليه كدة الأيام دى
صمتت وهى تستمع إلى صديقتها تحدث والدتها لثوانى ثم تناولت الهاتف من يدها ووضعته على أذنها بإرتباك قائلة:
- أيوا يا ماما ..
صمتت قليلا ً تستمع إلى حديث والدتها وما بين حاجبيها يضيق أكثر فأكثر وهى تقول بخفوت حائرة:
- فجأة كدة .. طب ليه ؟
لم تجيبها والدتها إجابة شافية فأومات برأسها بدهشة وإضطراب وهى تقول :
- حاضر يا ماما  ربع ساعة وهاكون عندك
أنهت الحديث مع والدتها ومدت يدها بالهاتف إلى صديقتها وهى تنازع الحيرة والدهشة نزاعا ً شديدا ً قائلة ببطء:
- ماما عاوزانى حالا ً يا " ندى"
مطت " ندى" شفتيها قائلة:
- ليه فى حاجة ؟
نظرت لها نظرة طويلة حائرة ثم قالت غير مصدقة:
- فجأة كدة قرروا نسيب إسكندرية !
***
عادت إلى منزلها لتجمع أشيائها لا تعلم ماذا تفعل فبرغم أن تلك الغرفة شاهدة على ذكريات أليمة إلا أنها تعنى الكثير لها ففيها ترعرعت وفيها عايشت أحلامها ومستقبلها ومكتبها الصغير الذى كانت تجلس خلفه تدون الأحداث الغريبة التى تمر بها والمشاعر الغير مفهومة التى تشعر بها أحيانا ً .. كانت تود لو تحمل معها تلك الغرفة الوردية بكل تفاصيلها إلى القاهرة فكل زاوية فيها شاهدة على أيامها ولكن منذ متى وأحداً يستجيب لمتطلباتها أو يشعر بما تحتاجه تذكرت حديثها الواهى مع صديقتها منذ قليل عن السيارة ..أنه نفس المبرر الذى تقوله للجميع عندما يسألونها لماذا لا تمتك واحدة وهى من هى ! بالفعل ليس لديها قوة أعصاب تؤهلها للقيادة ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد ! .. وقفت فى منتصف الغرفة حائرة تنظر إلى الدُمى المتراكمة فوق فراشها .. إنها جميعاً مفضلة لديها لكل دُمية منهم ذكرى جميلة مع أحدى صديقاتها فى مراحل عمرها المختلفة .. حاولت كبح جماح رغبتها فى جمع المزيد منهم  فأوامر والدتها كانت محددة وواضحة والتوتر والعصبية هما السائدان بين أرجاء المنزل  .. ولم تتبين الكثير من الأسباب لهذه النقلة الكبيرة والغير متوقعة على الإطلاق ولكنها علمت أهم تلك الأسباب والذى كان سببا ً رئيسيا ً لما يحدث ..
إنها تلك الأزمة المالية التى عصفت بأركان عمل أبيها عصفا ً شديدا ً كاد أن يهز أركان سمعته كرجل أعمال بارز وبدأت الديون تلاحقه يوما ً بعد الآخر هو وزوج إبنته وشريكه فى كل شىء ..
مما إضطره إلى اللجوء إلى مكان آخر بعيد يستطيع من خلاله أن يتوازن من جديد ويرمم تلك الصدوع كما نصحه الكثير من أصدقاءه فى القاهرة  بل وعرضوا عليه فتح آفاق جديدة له هناك بجوارهم .. ولحسن الحظ أنه كان يمتلك هناك بيتا ً جيدا ً فى مكان راقِ للغاية ..
جمع عائلته بالكامل ورحل إليها تاركا ً مدينته الساحلية بكل ما فيها .. عادت إلى القاهرة للمرة الثالثة وقلبها يرجف .. ياترى ماذا تخبئين لى هذه المرة أيتها الظالمة .. تركت مدينتى وذكرياتى وطفولتى وأحب الأماكن إلى قلبى من أجل أن آتيكِ وأنتِ التى شاهدت فيكِ ما شاهدت وكرهت فيكِ ما كرهت .. إنها نفس الأعمدة المتلاحقة نفس الصحراء وكثبان الرمال الخاوية المميتة إنه نفس الطريق الذى سقيته من قبل بدموعى ذهابا ً وعدتُ منه بنصف قلب ونصف عقل وحلم تجسد أمامى وأصبح حقيقة ! .. فإلى أين تأخذيننى هذه المرة
ربما قد أحبت هذا المنزل الجديد عليها وربما لو كانت ستحبه أكثر لو لم يكن يقبع فى تلك المدينة التى لا تنام .. كانت غرفتها فيه أشبه بغرفتها فى منزلهم القديم فى الإسكندرية إلا أنها كانت أكثر إتساعا ً وأكثر رفاهية .. المنزل مكون من ثلاث طوابق تحيطهم حديقة من ثلاث جهات .. سيُجهز الطابق الأول للشركة الجديدة التى سيعيد من خلالها والدها أمجاده وثروته وسيكون الطابق الثانى لأختها " نشوى" وزوجها "راغب" أما الطابق الثالث فستقطن فيه مع والدتها ووالدها وأختها الصغرى "سلمى" التى حصلت على التقدير التى كانت تتمناه وتحلم به فى المرحلة الثانوية ولم يكن يشغلها كثيرا ً أمر إنتقالهم إلى القاهرة بل كل ما كان يشغلها هو كلية " صيدلة " وفقط فلقد حققت حلمها بالإلتحاق بها ولا يعنيها بعد ذلك أي شىء ..
***
- " الرقم المطلوب ربما يكون مغلقا ً أو غير متاح "
زفر بقوة وهو يطرق بأصابعه بضيق شديد على سطح الطاولة التى يستـند عليها بمرفقيه متمتما ً بحيرة :
- برضه مغلق
شعر بمن وضع يده على كتفه من الخلف ممازحا ً:
- هو مين ده اللى مغلق
إلتفت "حسام" إلى مُحدثه بضجر واضح قائلا ً:
- مالكش دعوه يا عم "خالد"
إقتربت منهما برزانة ووقار وجذبت إحدى المقاعد حول الطاولة جالسة ببطء وهى تقول بإستنكار شديد:
- كل اللى يسألك تقوله مالكش دعوة حتى " خالد " كمان .. لا ده إنت حالتك بقت صعبة أوى يا "حسام"
جلس "خالد" وهو يقول بشغف :
- إيه ده .. ده الموضوع بجد بقى .. يعنى عمتو ليها حق تشتكيلى منك
نظر "حسام" إليه وعقب مستنكرا ً:
- بقى في واحد طول بعرض داخل على التلاتين يقول عمتو
ضحك "خالد" بجـذل بالغ وقال وهو يلوح بيديه:
- إنت فاكرنى شوارعى زيك ولا إيه يا فان دام
زفر للمرة الثانية وهو يضرب راحته بقبضته الأخرى موجها ً حديثه إلى والدته :
- عاجبك كدة يا ماما مالقتيش غير الهايف ده وتشتكينى ليه
أسندت ذقنها إلى قبضتها وهى تنظر إليه متفحصة :
- أعملك إيه حالك مش عاجبنى بقالك كام يوم  .. وبعدين ده إبن خالك الله يرحمه وصاحبك هو أنا إشتكيتك لحد غريب
تناول"خالد" الهاتف من أمام"حسام" وأخذ يبحث فيه بفضول وهو يقول :
- ولا إشتكيتك ليا ولا حاجة يا وحش .. عمتو بس شايفاك بالك مشغول وعاوزه تطمن عليك مش أكتر
جذب "حسام" الهاتف وتناول سلسلة مفاتيحه ونهض وهو يلقى عبارته الأخيرة قبل أن يغادر:
- ولا بالى مشغول ولا حاجة إطمنوا مافيش حاجة .. أنا رايح الجيم
إستوقفه "خالد" قائلا ً بضيق :
- كمان ناسى معادنا النهاردة 
عقد "حسام" بين حاجبيه محاولا ً التذكر وقال متسائلا ً :
- معاد إيه ؟
زفر "خالد" وقال حانقا ً:
- هو أنا مش قولتلك يابنى إنت .. إنى معجب بواحدة وحددت ميعاد مع أهلها علشان أتقدملها
إبتسم "حسام" ساخرا ً وقال:
- وأنا هافتكر مين ولا مين ما أنت كل يوم تطلعلنا فى الموال ده مع كل واحدة شوية وفى الآخر بتفركش
تدخلت والدته فى الحديث قائلة بثقة:
- لا المرة دى شكله مصمم بجد
هز رأسه يمنة ويسرة متعجبا ً وقال وهو يقطع الممر إلى باب الشقة :
- يا ماما هو أنتى مابتحرميش كل مره يضحك عليكى كدة وبعدين ترجعى تقولى مش هادخله فى حاجه تانى وبرضه بتدخلى مفيش فايدة
خرج وتركهم وقبل أن يغلق الباب خلفه شعر بـ"خالد" يتمسك بمقبض الباب من الداخل ليبقه مفتوحا وإشرأب برأسه للخارج وهو يغمز بإحدى عينيه بمكر:
- مين دى اللى شغلت "حسام الصياد" بجلالة قدره للدرجادى  ؟
إبتسم "حسام" إبتسامة واسعة وهو يدفع رأس "خالد" للداخل قائلا :
- يا أخى ده أنت غتيت أوى
أغلق الباب وإنطلق وقد عزم على قطع تلك المسافات اللعينة التى تفصل مدينتيهما عن بعضهما البعض .. بينما ينظران إلى بعضهما البعض عاد "خالد" فى الداخل إلى الطاولة حيث كانت تنتظرة بحيرة بالغة وما أن إقترب منها حتى نهضت قائلة:
- مش قولتلك يا "خالد" حاله عجيب اليومين دول
جلس  "خالد" مرة أخرى وتناول ثمرة تفاح من أمامه على الطاولة وقضم قطعة منها وهو يقول ببساطة:
- بكره هاعرفلك ماله بالظبط يا عمتو مش هيقدر يخبى عنى كتير ما إنتى عارفة أنا كاتم أسراره إطمنى .. المهم بس ياله إستعدى معادنا مع الناس قرب
رفعت حاجبيها بإستنكار وهى تنظر إليه وهو يأكل ثم قالت معترضة:
- أنا مش قلت قبل كده التفاح يتقطع بالسكين .. بتاكل كدة ليه
ضحك بشدة بينما  توجهت هى  إلى الداخل قائلة بتقزز:
- أنت و"حسام" هتجيبولى الضغط
لم يستطع أن يتوقف عن الضحك بعد أن رأى علامات التقزز واضحة على وجهها .. إنتقل إلى غرفة المعيشة وجلس يشاهد التلفاز وماهى إلا لحظات ووجدها تخرج منفعلة بشدة ممسكة بهاتفها وتصيح بغضب:
- شايف عمايله يا " خالد " باعتلى رسالة حاولت أتصل بيه بعدها لقيته قفل تليفونه
إعتدل "خالد" بإهتمام وقال متسائلا ً:
- رسالة إيه دى؟
- بيقول مسافر إسكندرية يومين...!
***
قضى نحو أسبوعان بالإسكندرية فى رحلة تقصى وجمع معلومات بشكل متواصل حتى إستطاع أن يجمع قدر وفير كان كافيا ً جدا ً لإسعاده فلقد كان ينوى حرق تلك المسافات التى تفصلهما ولكنه تفاجأ بأنها هى من سبقته ورحلت إلى القاهرة منذ شهور قليلة وإستقرت بها ..
لقد ذابت المسافات تلقائيا ً إذن ولم يبقى إلا القليل الذى سيذيبه بطريقته الخاصة ! .. قطع الطريق مرة أخرى عائدا ً من حيث جاء .. جاهد عقله فى السيطرة على تلك المشاعرالمتأججة بوجدانة فى محاولة غير جادة للسيطرة عليها وتقييد أفكاره الهاربة إليها تاركة المساحة الكافية لفؤاده أن يبعثه أينما شاء ويعيده متى أراد مما جعله يعبث ببعض الإسطوانات المدمجة أمامه وإختار إحداها وهى المسجل عليها بعض الأشعار المسموعة لنزار قبانى وبصوته فقط ..
إبتسامة منتشية تحمل الكثير من النشوة واللهفة بين طياتها لاحت فوق شفتيه وهو يستمع إلى الكلمات التى تنطق بما يجيش بصدره وظل يتمتم خلفه مرددا ً:
- أشكوكِ للسماء .. كيف إستطعتى أن تختصرى جميع ما فى الأرض من نساء
- أنا عنكِ ما أخبرتهم .. لكنهم لمحوكى تغتسلين فى أحداقى
- أنا عنكِ ما كلمتهم .. لكنهم قرأوكِ فى حبرى وفى أوراقى
- للحب رائحة وليس بوسعها أن لا تفوح مزارع الدراقِ
لم تتوقف شفتيه عن الإبتسام لمدة طويلة رغم توقف الإسطوانة عن الدوران وظل محتفظا ً بها معظم الطريق حتى قطع إبتسامته رنين هاتفه ..
نظر للهاتف وإلى شاشته المضيئة بإسم "خالد" وأجابة بسعادة واضحة :
- "خلود" عامل إيه
إلتفت "خالد" إلى عمته بجواره فى السيارة متعجبا ً ثم قال مازحا ً:
- معلش يا فندم تقريبا ً الرقم غلط أصل اللى كنا عاوزين نكلمه واحد كئيب كده أعوذ بالله منه
ضحك "حسام" ضحكات رنانة إستمعت لها والدته الجابسة بجوار "خالد" فابتسمت رغما ً عنها بينما أردف "خالد" متسائلا ً :
- أنت فين يابنى أخيرا ً حنيت عليا ورديت على تليفوناتى
تنفس بقوة يملأ رئتيه بالهواء العابث الذى يعبث بوجه تارة وبخصلاته تارة أخرى ثم قال :
- أنا راجع القاهرة إنتوا فين دلوقتى
إبتسم "خالد" بمرح :
- يدوب لسه واصلين تحت بيت خطيبتى وقلنا نكلمك قبل ما نطلع
رفع "حسام" حاجبيه وأجاب بدهشة بالغة:
- يا راجل ! لحقت تبقى خطيبتك ؟
مرر "خالد" أصابعه بين خصلات شعره وقال بغرور:
- طبعا يابنى هو أنا حد يقدر يقولى لاء
ثم تابع بقلق:
- المشكله بس إنها لسه موافقتش رغم إن أهلها موافقين جدا وقلت نييجى النهاردة أقعد معاها وأحاول أقنعها
قال "حسام" ساخرا ً:
- يعنى العروسة لسه موافقتش وتقولى خطيبتى طب روح إلعب بعيد بقى
عقد "خالد" حاجبيه وقال وهو يترجل من السيارة ويدور حولها ليفتح الباب لعمته وهو يقول بثقة:
- هتوافق هى هتروح منى فين المهم بقى شد حيلك عاوزين نتجوز فى يوم واحد ولا السفرية دى راحت عليك أونطة
قال"حسام" بتفكير:
- لا أونطة إيه خلاص كلها خطوة واحدة وهاتسمع أخبار حلوة أوى
جذبته عمته من ذراعه إلى الداخل وأخذت الهاتف من يده ووضعته على أذنها وهى تقول على عجلة من أمرها:
- حمد لله على سلامتك يا حبيبى لما تروح البيت أبقى طمنا إنك وصلت لازم نقفل دلوقتى طالعين عند الناس
أغلق الهاتف وواصل الطريق إلى منزله .. صعد الدرج الكبير المؤدى إلى بوابة العقار من الخارج  وهو يبتسم لكل من يواجهه إبتداءا ً من حُراس العقار مرورا ً بالخادمات التى كدن أن يصطدمن به على السلم الذى كان يسابق درجاته صعودا ً فهو كعادته لا يستقل المصعد إلا قليلا ً إلى أن إستقر به المقام بداخل شقته ..
ألقى التحية كعادته على خادمتهم بالمطبخ وهى منشغلة بإعداد الطعام ثم توجه إلى غرفته .. فتح الخزانة الخاصة به وأخرج صورة كان قد رسمها بيده منذ عام تقريبا ً وبالتحديد فى آخر ليلة من ليالى رمضان .. جعل ينظر إلى الصورة ويبتسم وهو يمنى نفسه باللقاء المرتقب وأخيرا ً تذكر كلمات والدته وهى توصيه بالإتصال بهما فور وصوله ..
أضاءت شاشة الهاتف الخاص بــ"خالد" باسم "حسام" وصورته الشخصية .. كان موضوعا ً على الطاولة الصغيرة أمامهما وهو جالس بجوار فتاته وعلى مقربة منها ..
إلتقط "خالد" الهاتف فى سرعة وأجاب وهو ينظر إليها معتذرا ً تحدث إليه قليلا ً وبكلمات مختصرة ثم عاد إليها ملتفا ً بجسده كله وهو يقول :
- أنا آسف والله على المقاطعة .. ها كنا بنقول إيه
إبتلعت ريقها بصعوبة وإصفر وجهها إضطرابا ً بعد أن إلتقطت عيناها الصورة والإسم اللذان أضاء بهما شاشة هاتفه وقالت بإرتباك:
- لا أبدا ً مافيش حاجة كنت كمل كلام عادى مع صاحبك
دهش "خالد" فلقد كانت صامتة تماما ً لم تتفوه سوى بأنها غير مستعدة الآن للزواج أو الإرتباط ثم صمتت وكأنها كانت تخبره رفضها بشكل لائق بهذا الصمت ولذلك وجدها فرصة سانحة ليخرجها عن صمتها وقال ببساطة:
- لا مفيش حاجة إزاى ..وبعدين ده راجل مبسوط بقى وبيحب وماكنش هايبطل رغى
صمتت مرة أخرى ولم تجيبه فقال وهو يحاول أن يختلق أى حديث بينهما :
- أهو صاحبى ده مأجل معاد جوازه بسببنا يرضيكى يعنى كدة
رفعت رأسها إليه متسائلة :
- هو هيتجوز قريب ؟
أجاب على الفور :
- أه طبعا .. ده بيحب وغرقان لشوشته ومش عاوز يحدد معاد جوازه إلا لما إحنا نحدد الأول
ثم إعتدل فى جلسته بحماس وهو يتابع:
- أنا مش عارف إنتى مترددة ليه إدينى فرصة طيب وأوعدك إنك مش هتندمى ..
قولتى إيه يا حبيبة ؟. 

هناك تعليقان (2):

  1. مفااااااجأة .......منظرين الفصل القادم

    ردحذف
  2. لا لا لا ايه ده حبيبة تصدقى حضرتك انا كنت فكراها بنت حسام كان يعرفها قبل كده ياه بلا ربنا يستر انا هكمل واقول لحضرتك

    ردحذف