الأربعاء، 2 أبريل 2014

رواية .. حكايــة حبيبــة .. الفصل الثانى

روايـــة حكايــــة حبيبــــة 

الفصــل الثــانى


غلف الظلام عقلها وأحاط أوصالها ببرودته وتداخلت الأصوات والأضواء حتى شعرت بالصمم المفاجىء .. لم تفلح حركاتها العشوائية وهى تضرب المياه بيديها ورجليها .. جثم ثِقل مياه النيل وظلمتها فوق رئتيها وإنقطع الأمل فى الحياة ..
هل هذه هى النهاية ؟ لابد وأنها كذلك ! .. لاح شعاع ضوء أبيض آتى من بعيد 
شىء ما يسبح نحوها بقوة بل بجنون ! .. يشق المياة نحوها شقا ً غير معقول
.. ها قد بدأ كيانه فى الظهور .. رجل مفتول العضلات قوى البنية يسبح نحوها بسرعة غير إعتيادية .. يصوب بصره نحوها وهو يتجه إليها وكأنها هدف له لا رجعة فيه .
ها قد ظهر جليا رأته بوضوح .. إقترب منها .. مهلا ً ! .. إنه لم يكن يسبح نحوها لقد كان يغرق هو الآخر ويضرب المياه مثلها ولكن كيف إقتربا إلى هذا الحد وبتلك السرعة ..
 كيف إستطاعت أن تراه ؟..وهل تراه حقا ؟! ..
لقد إكتشفت أنها كانت مغمضة العينين هل إنتقلت إلى العالم الآخر ؟ ..
رأى كل منهما نجاته فى الآخر وإتفقا دون حديث ولا سابق معرفة .. دفعها للسطح وجذبته معها .. رويدا ً رويدا ً بدأ الظلام ينقشع ويلملم خيوطه ويطلق سراح عقلها والوعى يزحف إليها ببطىء شديد ..
لاح الشعاع الأبيض مرة أخرى ولكن هذه المرة كان واضحا ً وجليا ً يضرب مقلتيها بضوئه المبهر والأصوات تتداخل ثانيةً ولكنها إستطاعت أن تميزها ...
إستطاع جسدها أن يشعر بالفراش المريح التى تستلقى فوقه .. تثاقلت جفونها وهى تقاوم لتفتحها ببطىء مقطبة الجبين ورأتهم حولها تتباين ردود أفعالهم وتظهر واضحة على تعبيرات وجوههم ما بين الــ ....  الماذا ؟ ! إنهم جميعاً ساخطون ..
والدها والدتها وأختيها وقد كانت أول من تكلم منهم وعبر عن سخطه أختها الصغرى "سلمى" :
- معقول يا "حبيبة" .. بحسبة بسيطة أوى كنتى تقدرى تعرفى إن السور مش مخصص علشان حد يقعد عليه .. بس عموما حمدلله على السلامة
تحركت رأسها ببطء عندما سمعت صيحة والدها من الجهة الأخرى يقول بغضب:
- إنتى هاتفضلى متهورة كده لحد إمتى  وطايشة أهو شغلى كله إتعطل بسبب تهورك ده
وأخيرا ً عثرت على وجه والدتها بجواره وهى تقول بتأفف :
- دى أختك الصغيرة متعملش اللى بتعمليه ده يا "حبيبة" خليتى منظرنا وحش أوى قدام الناس
أنهت جملتها وهى تلتفت إلى "نشوى" التى كانت تنظر إليها ببرود وصمت ثم قالت بإبتسامة ساخرة:
- وقعتى فى الميه علشان ندهت عليكى ؟.. إيه سمعتى صوت عفريت ولا إيه
وأخيرا ً إستطاعت أن تحرك شفتيها بصعوبة وقالت بصوت خافت ضعيف:
- فين شادى؟
حركت "نشوى" عينيها بمكر وهى تقول :
- بره فى الإستراحة مع مدام "بثينة" أصلها صممت تيجى معانا المستشفى بنفسها
أغمضت "حبيبة" عينيها وهى تستجدى الدوار أن يلفها مرة أخرى ولكن طرقات خافتة على الباب قطعت عليها أمنيتها ....
وقع أقدام تقترب منها وشعرت به يجلس بجوارها ويتلمس كفها وهو يقول بتعاطف:
- حمدلله على السلامة يا "حبيبة"
فتحت عينيها وإنزلقت أول عبرة من مقلتها رغما ً عنها لتغوص خلف أذنها ومنها إلى ظلام خصلاتها المبعثرة على الوسادة وقبضت على أصابعه كأنها تقبض على عبارته الرقيقة التى كانت تنتظرها وترجوها من عائلتها أولا ولكنها لم تجد سوى السخط والإستهجان .. أغمضت عينيها بقوة وهى تبلل شفتيها الظمآنة بلسانها ولكنها تذكرت شيئا ً ما لمع بعقلها أو بذاكرتها فجأة ففتحت عينيها وقالت بتساءل:
- الشاب اللى طلعنى من المية فين ؟
تبادل الجميع نظرات الدهشة بينما أجاب "شادى" بإبتسامة صغيرة :
- شاب إيه يا "حبيبة" ده الراجل المراكبى العجوز اللى كنتى بتشاورى لابنه الصغير قبل ما تقعى فى المية
ثم تابع وهو يربت على كفها بين يديه :
- الحمد لله أنه كان قريب منك ولحقك ده إنتى إتكتبلك عُمر جديد
قطبت جبينها وهى ترى لحظة سقوطها تمر أمام عينيها بالفعل كان هناك رجل عجوز خلف الصبى الذى كان يلوح لها ولكن ليس هو منقذها .. لقد كان شابا ً قويا ً تتذكره وتتذكر ملامحه بقوة ..
لازالت تشعر بقبضته وهى تدفعها بقوة للأعلى .. شعرت بصداع قاتل وألم رهيب بجبهتها فضغطت عليها بقوة ربما تُسكت هذا الدق المتواصل بإصرار وسمعت والدها يتحدث فى الهاتف بغطرسته المعتادة إلى سائقه الخاص:
- جهز العربية حالا ً هنرجع إسكندرية دلوقتى كفاية عطله بقى
***
عادت إلى الإسكندرية حيث منزلها وغرفتها المنعزلة التى تحبها وتحب أن تلجأ إليها معظم أوقاتها التى تقضيها فى المنزل لتأوى إلى جدرانها وتجلس خلف مكتبها الصغير وتُخرج مفكرتها التى تدون بين سطورها ما يمر بها من أحداث تندهش لها أحيانا ولا تجد لها تفسير وسطرت بأيدى مضطربة وعقل منشغل الثوانى المعدودة التى قضتها تحت سطح النيل ...
وكلما كتبت عبارة وضعت خلفها علامة إستفهام كبيرة .. لم تستطع أن تفرق بين الحقيقة والحلم والوهم رغم تذكرها لكل تفاصيله .. ولكن الفاصل الزمنى إنعدم تماما فى تلك الثوانى وفى النهاية لجأ عقلها إلى إجابة منطقية ربما تخرجه مما يعانيه من تخبط بين جدران الوهم والحقيقة  ..
ربما سقطت فى غيبوبه بمجرد سقوطها فى المياة ورأت خلالها ما رأت وإعتقدت أنه حقيقة !
***

إنتهت العطلة سريعا ً وإستعادت روحها المرحة وتنفست بعمق وراحة وهى تخطو خطوات سريعة داخل الجامعة بإتجاه صديقاتها وهى تلوح لهن برقة وإبتسامة شغوفة وتؤرجح حقيبتها التى تقبض عليها بيدها الأخرى علامة على السرور والإنتشاء ..
إقتربت وهى تستمع إلى صوت آلة الجيتار يخرج من بينهن .. إتسعت إبتسامتها وقد أيقنت أن "شادى" كان ينتظرها ويعد لها حفلة إستقبال صغيرة بالإتفاق مع صديقاتها ...
صافحت الجميع بحماس ونعومة وما أن وصلت إلى كفة حتى قبض عليها وقبل أصابعها مُرحبا ً بعودتها سالمة وأجلسها بجواره وأخذ يغنى لها كما يفعل دائما ً وصديقاتها يتابعن بإبتسامات متفاوتة .. إبتسامة حالمة وثانية سعيدة وثالثة حقودة !!
وبعد قليل إنفض الجمع وغادرت الفتيات بينما بقيت هى بصحبته كما ألح عليها .. إعتدلت فى جلستها على مقعدها وإستدارت إليه بجسدها كله وعينين مشرقتين وقالت بتساءل :
- ها عملت إيه مع مدام "بثينة" ؟
إضطرب قليلا ً فلم يفهم مغزى سؤالها وقال بإرتباك:
- قصدك إيه يعنى ؟
رفعت حاجبيها بدهشة ولكنها مازالت محتفظة بإشراقتها وإبتسامتها الصغيرة وهى تقول:
- إقتنعت يعنى بموهبتك وناوية تنتجلك حاجة ؟
حرك رأسه يمنة ويسرة وهو ينظر إلى عينيها بحيرة كبيرة وهو يقول بشرود:
- لسه مش عارف
أراحت ذقنها إلى قبضتها وإستندت إليها متابعةً حديثها بإهتمام :
- يعنى ايه .. إقتنعت بصوتك ولا لاء ؟
لاحظت أنه يهرب بعينيه منها وينظر فى إتجاهات أخرى وهو يقول بضيق:
- مش عارف يا "حبيبة" الحكاية مش سهلة .. عقود ومستقبل وفلوس
ثم تابع وهو ينظر إليها معاتبا ً :
- أنتى عارفة الناس دى كل اللى يهمها فلوسها هتروح فين ولمين
زمت شفتيها بقوة وهى تنظر للأسفل وتقول بأسف:
- معلش يا "شادى" هو بابا كده ومش معاك أنت لوحدك .. ومع أى حد حتى إحنا بناته
وجدت عدم الإقتناع مازال يحتل عينيه فحاولت أن تضيف بعض المرح إلى حديثها وهى تقول مؤكدة:
- دى حتى "سلمى" أختى لما قالت أنها نفسها تدخل كلية طب ويبقى عندها صيدلية بإسمها كلمها وحش أوى والبنت جالها إحباط جامد أوي
عقد ذراعيه فوق صدره بتحدى وهو يقول :
- و "راغب" جوز أختك "نشوى" مش برضه بيشتغل معاه فى فلوسه
مالت برأسها يمينا ً وهى تنظر إليه مشفقة وتقول:
- "راغب" أصلا كان عنده شركة مستقلة ولما بابا كان داخل صفقة كبيرة طلب يشاركه فيها وبعد ما إتقدم لـ" نشوى" وإتجوزها صفى شركته وحط فلوسه كلها فى شركة بابا ومن ساعتها وهما بيشتغلوا مع بعض
ألقى برأسهِ للخلف وأغمض عينيه فى سكون وقد آثر الصمت مرت أحلامه وأمنياته كالبرق وأخذت تدور بعقله تارة وبقلبة تارة وهو يتذكر أيامه الخوالى منذ سنوات عندما كان يعزف بآلتهِ الوترية فى هذا الحفل مرة وعلى هذا الشاطىء مرة لعل أحدا ً ما يكتشفه ويقدمه للوسط الغنائى ويتبنى موهبته ولكن كل محاولاته باءت بالفشل .
وفى كل مرة كان يعود أدراجه على الشاطىء حافى القدمين يقذف بهما الرمال هنا وهناك مصطحبا ً "جيتاره" الذى أصبح جزء لا ينفصل عنه دامع العينين خالى الوفاض وفى كل مرة تنهار أحلامه وتخبو شيئا ً فشيئا ً حتى جاء هذا اليوم ودُعى إلى الغناء فى حفلة بالجامعة وهناك رآها .
إنصرفت كل عواطفه تجاهها ربما لأنها المرة الأولى التى يرى فتاة تجمع بين مستوى إجتماعى رفيع وبساطة شديدة فى التعامل .. ليس من باب التواضع وإنما هى طبيعتها الشخصية ..
وخلال أيام قليلة كان قد تعرف إليها عن طريق إحدى صديقاتها المقربات وإندمج ببساطة بين مجموعة أصدقائها فى الجامعة وبين يوم وليلة أصبح " فنان الشلة " .. وأصبح من بينهن معجبات يحاولن الوصول إليه ولكنه إختارها هى من بينهن ليغنى لها وحدها ويزج بإسمها فى كلمات أشعاره بين الحين والآخر ..
إختارها بعقلهِ وقلبهِ سويا ً لتكون حبيبته وزوجته وفى نفس الوقت يحتضنه والدها ويضع قدميه على أول طريق النجاح الذى يبغيه ..
إستطاع أن يقترب ويحقق نصف حلمه ولكن النصف الآخر تحطم وتبعثر بقوة أمامه وتناثرت أشلاءه حينما رفض والدها وأنهى حواره بعبارته التى نقشت بسكين فى صدر أحلامه " أعتمد على نفسك وإحمد ربنا إنى وافقت عليك أساسا ً " .. والآن ها قد بدأ الحلم يزحف من جديد إلى النور ولكن !  لكل نجاح تضحياته وثمنه الذي يجب أن يُسدد أولا ً ..
والآن وجب عليه أن يختار إما هى وإما أحلامه التى ستتجسد أمامه أخيرا ً بعد أن كانت مجرد أمنيات .. فهل ننثر القلوب المحطمة يوما ً لنُعَبِد بها طرقنا المتهالكة ..!
***
 توالت الأيام تباعا ً تراجعت فيها الإتصالات الهاتفية بينهما وإنعدمت المقابلات نهائيا ً وفى كل مرة كان يتعذر بإنشغاله .. جلست أكثر من مرة تفكر وتبحث عن سبب ما يحدث وتتساءل ..
لماذا يصر على الإبتعاد ماذا فعلت ؟ ولماذا كان حزينا ً هكذا وهو يخبرها بموافقة شركة الإنتاج على بداية العمل معه وتحديد ميعاد توقيع أول عقد بينهما ؟
أيكون حزينا ً بسبب الفراق ؟ فلقد أخبرها أنه مضطر إلى ترك الأسكندرية والإنتقال إلى القاهرة ليكون بجوار عمله ولأن نقطة بداية الإنتشار الحقيقية تكون هى القاهرة .. كانت عيناه تقطر ألما ً صافحها وكأنه يودعها إلى الأبد .
شارف العام على الإنتهاء ولم يتبقى سوى أيام قليلة على بداية إختبارات السنة النهائية لها فى الجامعة وبدأت تشعر بتوتر غير طبيعى بمنزلهم ....أصبح الإنفعال والعصبية والتوتر هم عنوان المنزل .. إنزوت أكثر وزادت حيرتها ..  الجميع غير عاداته فجأة وكأنهم أصبحوا أشخاص آخرين الصمت هو لسان حالهم .. هناك شىء ما يحدث !!


السبت، 22 مارس 2014

روايــة.. حكـــاية حبيبــة .. الفصل الأول

روايــــة حكـــاية حبيبـــة

الفصل الأول





إنطلقت بعنفوان وتحدى بمقدمتها الضخمة المبتلة تشقه شقاً وتطفو فوقه بخفة ورشاقة لا تتناسب مع ضخامتها .. فهى المخضمرة فى مجالها بهيبتها وقدرتها وسرعتها الفائقة .. حاول أن يتحداها كما يفعل دائما ً ولكن كالعادة لم يستطع ثنيها أمام عزيمتها وتصميمها فى المضى قدما ً فى طريقها المنشود وإضطر فى النهاية رغم برودته وعتمته وأمواجه المتلاطمة إلى الإستسلام وإفساح الطريق أمامها .. فازت عليه كما تفعل دائماً وإنطلقت سابحة فى قوة ورزانة وهدوء يتناسب مع أسمها الذى أُطلق عليها " السهم " ..
رغم سرعتها وقوتها إلا أنها رفقت كثيرا ً بمن تحملهم فوق ظهرها .. طفت بهدوء ونعومة وقد أومأت للحظة بإشارة منها إلى البحر الذى تقبل فوزها بروح رياضية ثم رفعت مقدمتها قليلا ً بنشوة وإنتصار رغم حزنها وعدم رضاها عما يحدث على متنها الآن ..
رقص وصخب وصوت آلة الجيتار تدوى بألحانه العاشقة وهو يعزف بأصابعه المتدربة مغمضا ً العينين فى نشوة وتذوقا ً لكلماته التى كتبها وغناها لها وحدها فى يوم ميلادها والذى كان يتوافق فى تاريخه مع آخر ليلة من ليالِ شهر رمضان .. كانت تتمايل برأسها يمنة ويسرة برقة ممزوجة بالخجل وتُخلل أصابعها محاولة ترتيب خصلات شعرها الفاحم الطويل والذى عبث  النسيم بغرته القصيرة مداعبا ً عينيها السوداوتين  وهى تجلس بجواره بثوبها القرمزى الطويل مكشوف الذراعين  وقد تحلق حولهما الفتيات والشباب يصفقون ويتمايلون على وقع أنغامه التى إمتزجت بهدير أمواج النيل الهادئة والتى إنعكست على صفحته مصابيح السفينة القوية كاشفة أمامها تلك المراكب الشراعية الصغيرة التى تسبح بهدوء فى الجوار وقد وقف من فيها فضولاً يراقبون هذا الحفل الصاخب الملون بأزياء مبهرجة تلمع خطوطها وتُحمل بين أطراف الأصابع ذيولها وبالقرب من أسوار السفينة يصطف رجال الأعمال المدعويين بشكل عشوائى بملابسهم الرسمية الملائمة لتلك المناسبات الليلية وهم يتحدثون حول صفقاتهم وأعمالهم وكل منهم يحمل كأسا ً فارغا ً أو ممتلىء بعضه وينظر إلى شريكته الضاحكة بجواره مبتسما ً بين حين وآخر مجاملا ً وقد تسلل إلى سمع الجميع صوت "شادى" وهو ينهي أغنيته الحالمة بأبياتها الأخيرة ناظرا ً إلى محبوبته وخطيبته "حبيبة" مُرسلا ً كلماته إلي عينيها مباشرة :
تقدر تقول بعشقك وأنا عشقى مش ممنوع
خلاص فى لحظة لقى قلت الوداع يا دموع
يا نجمة عنى بعيد خايف لـمنى تضيع
أنا اللى قلبى شارى إوعى يا روحى تبيع
بحلم تكون ليّا  يا كل شىء فيّا
مهرك يا عمري غالى  وأحلامى وردية
***
أنهى أغنيته مبتسما ً لها بينما صفق من حولهما بحرارة وإعجاب وقد تداخلت الأصوات يبدى بعضها إعجابا ً والأكثر تسائلا ً عن كلمات الأغنية هل هو من كتب كلماتها أم لحنها فقط وغناها بصوته .. حاول أن يسيطر على إبتسامته الواسعة التى تزيده وسامة وجاذبية وهو يجيبهم معلقا ً عينيه بـالجالسة بجواره مضطربة فهى رغم إعتيادها على تلك الحفلات الصاخبة إلا أنها تخجل من كونها محط أنظار الجميع وقد زاد إضطرابها وهى تسمعه يقول:
- أنا كتبتها ولحنتها مخصوص علشان عيد ميلاد "حبيبة "
أنهى كلمته وهو يأخذ كفها برقة بين أصابعه ويطبع عليه قبلة صغيرة ناظرا ً إليها متابعا ً :
- كل سنه وإنتى طيبة يا حبيبتى
فجأة شعرت بيد تجذبها بقوة إستدارت بجسدها دفعة واحدة محاولةً تحرير مرفقها وهى ترفع رأسها إرتطمت عينيها بوجه أختها الكبرى "نشوى" بقوامها المعتدل وراسها المرفوعة وأنفها الشامخة بتكبر وأعتداد وثوبها الأسود الصارخ وعينيها الثاقبتين التى لم تشع يوما حباً أو تفهماً لها .. تصنعت "نشوى" المرح وهى تقلب عينيها بين الجميع وتدعوهم إلى مأدبة الحفل
علت الأصوات وتسابق الشباب والفتيات بمرح بينما إكتفت "حبيبة" بإلقاء نظرة عدم رضى إلى أختها التى إنتزعتها بشكل لا يليق من بين أصدقائها ثم لحقت بها  بجوار"شادى" مستكينة إلى منتصف سطح السفينة حيث تحلق معظم المدعويين حول تلك الطاولة الكبيرة التى تتوسطها كعكة ضخمة أشارت "حبيبة" بيدها إلى أختها الأصغر "سلمى" ذات السادسة عشر ربيعا ً لكى تأتى وتقف بجوارها فقد كانت تقف كعادتها فى الخلف بمفردها ترتدى نظارتها الطبية الرقيقة وثوبها الابيض المنسدل ليرسم لوحة فنية صغيرة عنوانها مشروع طبيبة ..
أطفأت بعض مصابيح سطح السفينة الملونة وتطاير الشرر حول الشموع النارية الصغيرة والتى تصدر أصوات قرقعة مبهجة ممزوجا ً بموسيقى هادئة تسللت بنعومة إلى آذانهم من خلال السماعات الصغيرة المنتشرة بحرفية كبيرة فى تلك السفن الضخمة ..
وبعد قليل هدأ الصخب قليلا ً وبدأت الموسيقى الناعمة البطيئة فى العمل ووقفت "نشوى" وسط الساحة الراقصة تبحث بعينيها عن زوجها المنشغل دائما إما بعمله أو بمضاحكة الفتيات وما أن رأته حتى أشارت له برأسها إشارة صغيرة لا يفهمها غيره جعلته يقترب منها مبتسما ً ويتناول كفها بين يديه ويلف يده الأخرى ليلامس ظهرها وبدأ فى مراقصتها كما يفعل الجميع .. أبتسمت له أبتسامة غاضبة وقالت:
- هو أنا لازم أشاورلك علشان تيجي
تنحنح "راغب" وهو ينظر بخفة إلى يساره ثم يعود برأسه إليها بنظرة مبتسمة خاوية:
- آسف يا حبيبتى مخدتش بالى أنك لوحدك
نفضت غضبها منه وهى تشرأب بعنقها ناظرة إلى المرأة الأربعينية التى كانت تسير بصحبة والدها ثم توقفا بجوار "حبيبة" وخطيبها "شادى" .. وبدون أن تتساءل لمح زوجها النظرة الفضولية المطلة من عينيها بضراوة فقال معرفا ً:
- دى يا ستى السبب الرئيسى فى أن حفلة عيد ميلاد أختك تتعمل فى القاهرة
تحولت بعينيها إليه بتساؤل أكبر فأوما برأسه مؤكداً لحديثه وهو يتابع بسخرية:
- المدام صاحبة شركة من أكبر شركات الإنتاج الفنى هنا فى القاهرة
ثم غمز بعينيه بخبث قائلا ً:
- ومتخصصة فى أكتشاف المواهب الشابة
رفعت حاجبيها بدهشة وما لبثت قليلا ً حتى إنفرجت شفتاها عن ابتسامة صغيرة ماكرة وهى تنظر إلى والدها الذى يقوم يتعريف "شادى" إلى المرأة التى كانت تصافحه بل تفحصه ومن الواضح أنه يتحدث عنه بحماس زائد  .. الآن فقط زالت دهشتها فمنذ أن قرر والدها إقامة حفل  ميلاد "حبيبة" فى القاهرة وفى تلك السفينة الضخمة تملكتها الدهشة والفضول فهى تعلم طبيعة والدها جيدا ً الذي لا ينفق قرشا ً زائدا ً إلا إذا أيقن أنه سيعود إليه آلاف مضاعفة لذلك إعتقدت فى البداية أنه سيستغل الحفل لإقامة صفقات ما مع رجال الأعمال الذين يعملون بمدينة القاهرة فقط ولقد صدق حدسها عندما وجدته يبرم بعض الصفقات الصغيرة مع أحدهم ولكنها رفعت له القبعة فى تلك اللحظة لأنه إستطاع أن يستغل الأمر أيضا ً ويتخلص من "شادى" هذا المتطفل الذى دخل عائلتهم بناء على رغبة محبوبته وحدها وها قد حان الوقت للتخلص منه بلا رجعه فلم يكن يوما يليق بتلك العائلة العريقة ! ..
وضعت السيدة "بثينة" أطراف اصابعها على كتف "شادى" وهى تنظر إلى "حبيبة" بابتسامة باردة وقالت بتسائل:
- تسمحى يا "حبيبة" آخد خطيبك شويه
إبتسمت "حبيبة" إبتسامة متوترة وهى ترى "شادى" ينقل بصره بينهما بنظرات مرتعشة من فرط سعادته وإندهاشه من وجود شخصية مثل السيدة "بثينة" المعروفه بتبنى الوجوه الشابة من خلال شركة إنتاجها الكبيرة وحديثها معه بحماس عن موهبته وصوته الذى إستمعت إليه منذ قليل ولفت إنتباهها وتتوقع له مستقبل مبهر وإنتشار واسع فى الأوساط الغنائية ..
قررت "حبيبة" أن تمنحه الفرصة التى يطلبها منها بعينيه ونظراته الزائغة وإبتسمت وهى تومىء برأسها موافقة وإنسحبت من دائرة الرقص متجهةً إلى والدها مباشرة وعندما إقتربت منه وقفت بجواره وهى تهمس بإذنه بإضطراب:
- لو سمحت يا بابا عاوزاك فى حاجه مهمة
إلتفت الرجل الذى كان يقف بصحبة والدها إليها ثم أطلق صفيرا ً منغما ً وهو يتفحصها بعينيه عن كثب موجها ً حديثه لوالدها :
- مقولتش يعنى يا "سليم" باشا إن عندك بنات حلوين أوى كده
إبتسم "سليم" بإرتباك وهو يعرف إبنته إلى الرجل قائلا ً:
- "حبيبة" بنتى الوسطانية فى رابعة آداب السنة دى
إبتسمت "حبيبة" إبتسامة مغتصبة إنفرج جزء من ثغرها بصعوبة لها وهى تومىء مجاملة للرجل الذى عرف نفسه على الفور بفخر:
- طبعا ً أكيد عارفانى  محدش فى مصر كلها مبيشوفش أفلامى
تابع والدها حديث الرجل موضحا ً:
- "مدحت" باشا يا "حبيبة" أكيد تعرفى الأفلام اللى الجروب بتاعه بينتجها
أومأت مرة أخرى وهى تقول بإقتضاب:
- أهلا يا فندم
مد يده على الفور إليها وهو يقول بثقة:
- تسمحى تشرفينى وتوافقى ترقصى معايا
وضع والدها كفه على ظهرها وهو يربت عليه وينظر لها نظرة تعرفها جيدا ً وتحفظها فى تلك المواقف التى تكرهها ولكنها لا تستطيع الرفض .. إستجابت ليده الممدودة إليها ووضعت راحتها بداخلها بسكون فأخذ يدها بحركة مسرحية وقبلها ثم أخذها إلى ساحة الرقص الصغيرة وبدء فى مراقاصتها وشرع في الحديث عن نفسه وأعماله وقتا ً لا بأس به وهى مغيبة تماما ً مشتتة الفكر وهى تنظر إلى "شادى" الغارق فى الحديث الهامس والإبتسامات الصغيرة مع رفيقته الأربعينية التى بادلتها نظرات باردة وهو تقول موجهةً حديثها إلى "شادى"  :
- خطيبتك شكلها بتغير عليك أوى يا فنان
ألقى "شادى" نظرة على "حبيبة" الشاردة ثم عاد بنظراته إليها وقال نافيا ً:
- لا أبدا دى حتى "حبيبة" متربية تربية سبور ومتفتحة خالص

  عادت "حبيبة" من خضم أفكارها المتلاطمة إلى أرض الواقع عندما شعرت بضغطة صغيرة على خصرها وسمعته يقول بنبرة لم تعجبها :
- تعرفى يا "حبيبة" عليكى بروفايل يجنن الشاشة هتحب وشك أوى
أبتلعت ريقها مضطربة وهى تقول بتوتر:
- لا أنا ماليش فى حكاية التمثيل دى خالص
رفع حاجبية بدهشة وهو يقول ساخرا ً:
- ليه .. التمثيل حاجة مش صعبة مش محتاج غير ذكاء وجمال وبس
نظرت فى إتجاه آخر وقد تغير وجهها محاولة البحث عن مخرج يجعلها تستأذنه بلباقة وتنصرف بدون مشاكل وهى تتذكر كلمات والدتها الموبخة لها دائما ً " لما حد يتطاول ويضايقك إتصرفى بلباقة وذكاء وبلاش شغل الفلاحين بتاعك ده أنا مش عارف إنتى ليه مش ذكية زى أختك " نشوى"  ..! 
توقفت الموسيقى الهادئة لتخرجها من أفكارها المتناثرة التائهة وتهديها الحل السحرى لإنسحابها بهدوء بدون أضرار .. تعللت بالإرهاق وهى تنسلخ من بين ذراعيه مبتعدة وهى تخطو خطوات واسعة سريعة كأن وحوش الأرض تطاردها ونعل حذائها العالى يطرق الأرض طرقات صغيرة إختلطت بالموسيقى الصاخبة التى أعلنت عن نفسها بضراوة ..
وجدت نفسها أمام الدَرج الذى يؤدى إلى الطابق الأسفل من السفينة .. هبطت سريعا ً وهى تكاد تسمع أصوات دقات قلبها مختلطة بصوت أنفاسها اللاهثة .. كان الجزء الأسفل مظلم بعض الشىء وهدير أمواج مياه النيل البطيئة تعلن عن نفسها بوضوح أكثر وأعمدة الأنارة على إحدى الكبارى تعكس ضوءها الخافت على ذلك الجزء التى تقف فيه .. أستندت إلى أحد الأسوار الخفيضة بمرفقيها وهى تنظر إلى المياه بعقل شارد .. لماذا أقترح والدها اقامة السفر إلى القاهرة لمدة يومين واقامة الحفل على ضفاف نيلها قطعاً لم يفعل ذلك من أجلها ربما هى صفقاته التى لا تنتهى .. شعرت بحنين بالغ إلى مدينتها عروس المتوسط .. الأسكندرية .. برمالها وشطئانها وأمواج بحرها المتلاطمة  مما جعلها تتمسك بحافة السور المنخفض والمواجه لها مباشرة وقد وجدت إبتسامة طفولية مشاغبة طريقها أخيرا ً إلى شفتيها وهى تحاول الجلوس عليه وهى تجاهد تلك الرهبة الخفية التى تسللت إلى قلبها مع إندفاع الهواء إلى رئتيها وهى تشاهد المراكب الصغيرة السابحة بجوار السفينة العائمة بهدوء وإبتسمت وهى ترى طفل صغير يقف على مقدمة إحدى تلك المراكب بثقة ويشير لها بكلتا يديه فأشارت إليه بإبتسامة واسعة وحماس كبير .. كانت تنشد الأبتعاد و الهدوء  ولكنها لم تتحصل إلا على القليل ولم تترك لها المفاجآت فرصة كافية ..
جاءتها صرخة بإسمها من الخلف جعلتها تجفل وتضطرب .. وتنزلـق .. إرتطم جسدها بالمياة الباردة لتبتلعه ظلمتها الحالكة فى ثوانى معدودة .

الثلاثاء، 18 مارس 2014

روايــة .. حــكــايــة حـبـيـبـة

بسم الله الرحمن الرحيم


رواية .. حكاية حبيبة



مقدمة


قرأنا كثيراً وسمعنا أكثر عن تلك الثمرة العجيبة اللامعة التى إقتسمتها سيدتان وقد كانت كل منهما تحمل جنينا ً فى رحمها وبعد عدة أشهر أنجبت كلتاهما وضعت الأولى أنثى والثانية ذكراً لهما بريق خاص كثمرتهما , وبعد قليل إفترقتا وذهبت كل منهما فى طريقها تحمل رضيعها بعيدا ً عن الآخرى ولكن الروحان الصغيران لم يفترقا يوما ً , ظل كل منهما طيلة أيامه يشعر بالضياع ولا يعرف لماذا ..! , يبحث عن شِقِهِ الضائع ويشعر بغيابه الذى لم يسبقه حضور ..! , يجذبهما كل شىء وأى شىء له علاقة بنصفه الآخر , يقربه منه ولو خطوة واحدة , حتى إلتقيا أخيرا ً وإنصهرا فى بعضهما البعض وإلتحمت روحيهما من جديد .
بلا منطق بلا أسباب يستطيع كلاهما أن يشعر بالآخر عن بُعد و يفـك شيفرة الآخر , يقرأ ما يدور بخلده وقلبهِ  بنظرة واحدة , وبتلك النظرة يتواعدا فيتلاقا فى أحلامهما ليبث كل منهما شوقه وحزنه للآخر , وما أن يعودا إلى واقعهما يتخبطا بين جدران حقيقتهما المريرة ويطل الندم برأسه يطرق آتون الذنب بداخلهما فيلهب ضمائرهما نهاراً ويحملهما إلى زمهريرة ليلا ً , إلى أين ينتهى بهما المطاف بعد أن تقابلا بعد فوات الاوان ؟؟ .. , بعد أن اصبح كل منهما ملكــاً لآخر  ..!!

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

كونى دميمة ... قصة قصيرة








كونى دميمة ... قصة قصيرة










لم أكن أعلم أن جمالى سيكون سر تعاستى  .. لم يكن النعمة التى تريدها وتبحث عنها كل فتاة .. أنا جميلة أسم على مسمى أصغر أخوتى البنات ولكنى أتعسهم حظاً لا لشىء إلا لجمالى الزائد ... كانت أمى تشفق على أختى الكبرى وأختى الصغرى لقلة حظهن من الجمال بالمقارنة بى ... فارادت والدتى أن تعوضهن بطريقتها وكذلك أرادت أن تكبح جماحى حتى لا أغتر ..كذلك كانت تقول
دخلت الجامعة وهناك شعرت بأنوثتى وجمالى أكثر وبدأت اشعر بالزهو والتفاخر الذى تشعر به كل البنات مثلى فى هذا السن الصغير ...

وتقدم لى الكثير من الشباب طالبين رضاى وقربى مما أزعج عائلتى كثيرا وخافوا على نفسية أخوتى البنات كثيرا فكان الرفض هو حليفهم الاول

وأخيرا تقدم شاب إلى أختى الكبرى وعندما دخلت أختى على والدته ورأتها لم تعجب بها وفى اليوم التالى طلبت أن يرموا بسهمهم على الاخت الاصغر وهى انا ...
وبالطبع جميعنا رفضنا وشعرنا بالاشمئزاز منهم ..
ماهؤلاء الناس الذين لا يحترمون مشاعر الاخرين هل يرفضوا واحدةً ويطلبوا أختها هكذا... أنحن بضاعة قابلة للتفاوض والتبادل الى هذا الحد ..

ورغم رفضى فى البداية الا أنى شعرت انى سأتحمل نتيجة أخطاء الاخرين وزاد سوء معاملتى بلا ذنب ولا جريرة
وكانت الجملة المكررة يوميا على مسامعى
- لو كنتى شايفه نفسك حلوه الحلوين كتير ياختى
 ... شعرت بخواء نفسى وذهاب روحى فى بيت والدى ووالدتى وكانت النتيجة الطبيعة أن ألجأ للآخرين .. تقاربت مع أحد زملائى بطريقة ما وشعرت نحوه بمشاعر الحب ..
وتقدم لخطبتى ولكنه لم يُرفض فحسب ..

وأنما طُرد وضُربت ضربا مبرحاً ورايت هاتفى النقال يتهشم تحت اقدام امى معلنةً نهايتة .. وأمسك أبى السكين وتوعدنى بالذبح ... لماذا غضبوا هكذا أيعتقدون أنى أقيم علاقات غرامية فى الجامعة ..
هم من تخلوا عن حصونى وكسروا اسوارى هم من تخلوا عن حنانهم وحبهم وعاقبونى على ملامح خلقها الله وأنعم علي بها ...

لماذ يحاسبونى على أخطائهم .. ترك ابى حماية قلاعى فكانت عرضة لتسلقها وقست أمى وهدمت سور حديقتى فجعلت فيها ثغرة للنفاذ منها باريحية ...
فلم تكن أسرتى طوقاً تطوق به بستان قلبى اليافع بل تخلت عن الحصون وتركت حراسة القلاع فتسلقها الغرباء
فهل تستفيقوا وتعودوا الى أماكنكم لتعلوا اسوارى وتُحصنوا قلاعى وتحسروا حصونى ... أحتاج حنانك يا أمى فضمينى لا تتركينى هكذا تتقاذفنى رياح الحب لا أجد لسفينتى مرسى ولا أجد لقلبى شطوط دعواتك ... 

لا تتركونى أعانى صفير الرياح فى حياتى كما أعانيها فى قلبى
و حدث العكس تماما وزادوا فى قسوتهم معى ومعاقبتهم ونفورهم مني .. وأخيرا جاء المخلص .. جاء من رضوه هم ولم ارضاه انا ..

 رضوا حالته الاجتماعيه ولم يرضوا دينه وخلقه .. وأذعنت إليهم وتزوجته فبالتأكيد ستكون ناره أهون علي من جنتهم البغيضة ... وقلت بملىء في
- موافقة
تغير الدار ولم يتغير الحال من أول ليلة علمت بأنه ساكن دارى وليس زوجى كتمت أمرى وأمره وكتمت سره ... وظلت سفينتى بدون بحار ماهر فبدلا من أن يخرج بى الى بر الامان أدخلنى فى العمق أكثر .. رمى بى فى بحر الحرمان أكثر ..
 وعند كل نزاع يهتف :
- أوعى تكونى شايفه نفسك حلوه ده أنا كده علشان مش ماليا عنيه يا هانم روحى غيرى شكلك واصبغى شعرك
أذعنت ثانية وبدلت لون شعرى واقنتيت ملابس مختلفة ولكن مازال ساكن دارى على حاله ومما زادنى هما هو الصمت القاتل الذى صرت أعيش به وله وإليه ...

أيا ساكن دارى ألا تعلم حالى .. أيا ساكن دارى أخرج عن صمتك القاتل افعل أى شىء أضربنى اقهرنى ولكن لا تعذبنى بالهجرفلم أعد أحتمله الا يكفيك ما عانيته سنين حياتى لتأتى أنت وتغلف القسوة بالحرمان . ..

ولماذا تزوجت وأنت تعلم ما ألم بك .. هل اقتيتنى عروسة تزين بها منزلك تضعها فى أحد الاركان كاثاث ثمنه بخس ولكن غلافه لامع جذاب ...ألا تخشى علي الفتن والهوى وشيطانى
وقفت يومأ فى المرآة لأقول لي ..

لماذ لم تكونى دميمة لو كنتى دميمة لوجدتى بعض الشفقة التى لا أجدها  لو كنتى دميمة لاحبتك والدتك ولاشفق عليك والدك كما يشفق على أخوتك .. لو كنتى دميمة لذهب ساكن الدار الى أخرى وترككِ وشأنك ... 
لو كنتى دميمة  ربما حصلت على ضمة وقبلة على جبينى يتبعها كلمة أتمنى دائما ان أسمعها
- معلش يا حبيبتى متزعليش
لو عادت بى السنين لوقفت كما اقف الان فى المرآه وأمرتها أن تظهرنى دميمة ولقلت لا أحب جمالك فهو من أطفأ شمس عذابك فى بحر أوجاعك الدامى فلم يزدنى إلا عذابا .. هو مصدر  نكبتك وكربك وهمك وحزنك فكونى دميمة..




تمت

الاثنين، 4 نوفمبر 2013