الجمعة، 6 سبتمبر 2013

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد ( الفصل الرابع عشر )

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد
الفصل الرابع عشر



أستيقظت إيمان صباح يوم الجمعه أكثر راحه عن أيامها السابقه وأسرعت لتوقظ ايهاب ليلحق بصلاة الجمعه .. كالعادة أستيقظ ايهاب وأغتسل وذهب للصلاة ..  كانت ايمان قد دخلت غرفة مريم لتوقظها ولكنها لم تجدها بحثت عنها فى جميع الغرف ولكن لا أثر لها إرتدت إسدال الصلاة وخرجت إلى الشرفة وظلت تبحث عنها بنظرها حتى رأتها تجلس على الأرجوحة الكبيرة فى جانب من جوانب الحديقة بالقرب من أحواض الزهور
كانت مريم يظهر عليها علامات الأسى الواضحة وهى تستعيد ما قصته عليها إيمان ليلة أمس عن مادار بينها وبين أعمامها فى الشركة ...
وهي لا تكذب ما سمعته من إيمان لحظة واحدة فلقد عاشت مع أمها وخبرت ذلك جيدا ً منها ...
وعاشت أيضا مع أعمامها وتعاملت معهم فترة كافية تجعلها تجيد الحكم عليهم وبمقارنة بسيطه تخسر أمها دائما ...
نعم فالانسان يستطيع أن يغير فكرة الناس عنه بمعاملته وحسن عشرته أكثر من دفاعه عن نفسه بالكلام .
كانت مريم غارقة فى بحر من الأفكار تتصارع في عقلها كالأمواج المتلاطمة لدرجة أنها لم تشعر بإقتراب أحدهم منها من الخلف ووضع كفيه على عنينيها فى صمت ...
أختلج قلبها بشدة تصورت أنه يوسف ... لا تعلم لماذا تمنت هذا مع علمها أن يوسف مستحيل أن يفعل ذلك معها وخصوصا أن العلاقة بينهم متوترة هذه الأيام ..
تحطمت أمنيتها على صخرة الواقع عند سماعها صوت وليد وهو يقول بمزاح:
-   أنا مييييييييين
أستدارت فجأه وقالت بغضب :
- لو سمحت متعملش الحركات دى تانى أنا مابحبهاش
 وشرعت فى النهوض ولكنها تعثرت فى الأرجوحة وكادت أن تقع ولكن وليد ساعدها بيديه وأمسكها من ذراعها بقوة ..
إعتدلت مريم لتوبخه ولكنها تفاجأت بيوسف يقف خلفه وينظر لها بغضب ويقول لوليد :
-  إيه اللى بيحصل ده
لاحظ وليد غضب يوسف مما يرى فقرر أن يستـثيره أكثر فقال له غائظا ً :
-  ولا حاجة إنت عارف ابن عمك دايما بيجى فى الوقت المناسب علشان يلحق العرض الاول
قالت مريم بانفعال :
- عرض إيه ...
ثم تابعت مدافعة عن نفسها:
-   أنا كنت هقع
قال وليد بإستفزاز :
-  آه طبعا ميضرش أبدا ...
ثم نظر إليهما وقد حقق مراده وقال :
-  طب ألحق أنا بقى الصلاة ...عن إذنكم
حاولت مريم شرح موقفها مرة أخرى وهى ترى علامات الغضب مازالت ترتسم على وجه يوسف قالت :
- أنا كنت قاعدة على المرجيحة وبعدين ..
قاطعها قائلا بغضب:
-  مايخصنيش ... أنا اللى عاوز أنبهك ليه .. إنك هنا مش فى الجامعة يعنى لازم تحافظى على شكلك قدام عيلتك ولو أتماديتى مع وليد إنتى اللى هتبقى  الخسرانة الوحيدة في اللعبة دي .
قالت بنبره تشبه البكاء :
-  إيه الكلام اللي بتقوله ده هو أنا يعنى باعمل إيه فى الجامعة علشان تقولى كده وبعدين هو اللى مسك إيدى لما كنت هقع يعنى أنا ماتماديتـش معاه فحاجة خالص
قال بسخرية :
-  صح أصل لو واحدة بتصد واحد هيجيله جرأه ويحط إيده على عينيها ويهزر معاها
هتفت بلوعه:
- وأنا مالى هو اللى دايما بيطلعلى من تحت الأرض وبيتصرف كده وبيغلس عليا من غير سبب
تابع بنفس اللهجة الساخرة :
-  من غير سبب ... متأكدة ؟
قالت هاتفة:
-  طبعا ً متأكدة
رفع حاجبيه وقال بسخرية :
-  غريبة أومال يعنى مش بيغلس ليه على إيمان إختك
قالت بحنق شديد:
-  معرفش ... وأنا مالى ماتسأله هو
هز رأسه بعصبية وقال:
-  إنتى اللى مش عاوزه تعرفى
قاطعهما صوت عمها إبراهيم وهو يلقى التحية من بعيد ويشير ليوسف أن يلحق بالصلاة فتركها وأنصرف سريعا ً .
**************************************************
كانت إيمان تتابع ما يحدث من شرفتها فنادت على مريم التى نظرت للأعلى فأشارت لها بالصعود .. صعدت مريم إليها قائلة بتسائل :
-  خير يا إيمان فى حاجة .
إيمان :
-  أنا كنت واقفة وشفت اللى وليد عمله ولاحظت وشك وإنتى بتكلمى يوسف ...
هو قالك حاجه زعلتك ؟ وبعدين يا مريم إنتى خليتي وليد ياخد عليكي للدرجة دى ليه ؟
شعرت مريم أن الجميع يتكلم عنها بنفس الطريقة ويتهمها فى تصرفاتها فقالت بإنفعال :
-  هو فى إيه كلكوا بتتهمونى إنى أنا السبب وأنا اللى باسمحله يضايقنى ويغلس عليا إنتى تقوليلى   مأخداه عليكى ، ويوسف يقولى : إنى بتتمادى معاه هو إنتوا شايفنى إيه بالظبط
مسحت إيمان على شعرها وهدأتها وجلست بجوارها وقالت فى حنان :
-  مريم يا حبيبتى أنا قلتلك قبل كده الناس مش بتدخل جوانا وتشوف نيتنا إذا كانت طيبة ولا لاء ...
الناس بتحكم بالتصرفات الظاهرية لينا يعنى مثلا إنتى وقفتى قدام فاترينة خمور فى الشارع أى حد معدى هيقول بتتفرج على الخمرة ليه أو نفسها تشترى منها ... لكن إنتى ممكن تكونى وافقة ترتاحى من مشوار طويل أو دايخه مثلا ووقفتى تاخدي نفسك شوية .
لمعت عيون مريم وقالت :
-  يعنى إيه يا إيمان ... يعنى أنا هيبقى ذنبى إنى واقفه أرتاح أو دايخة .
إبتسمت إيمان وقالت :
- لا يا مريم مش ذنبك أنك بترتاحى لكن ذنبك إنك إختارتى المكان الغلط اللى ترتاحى قدامه ...
يعنى ماشيه مشوار طويل ومستحمله كان ممكن تستحملى أكتر وتمشى خطوتين كمان لكن إنتى إستقربتى ووقفتى فى حتة ممكن تشبهك وإنتى مش حاسة إن الناس هاتحكم عليكى من خلال المكان اللى وقفتى قدامه ...
ثم طبعت قبلة حانية على وجنتها وقالت :
-  يعنى إنتى كل مشكلتك يا مريم إن نيتك كويسة لكن بتستقربى الغلط وتقولى نيتى خير .
نظرت لها مريم بحنق :
-  يعنى مطلوب منى أعمل إيه علشان الناس تعرف إنى كويسة .
إتسعت إبتسامة إيمان وقالت بهدوء :
-  قوليلى يا مريم لما بتحبى تقرأي قصة ..إيه أول حاجة بتلفت نظرك ليها
مريم :
- العنوان وبعدين بشوف مضمونها
حصلت إيمان على ما تريد فقالت :
-  بالظبط كدة ...
العنوان الأول وبعدين المضمون علشان كدة لازم تخلى عنوانك مظبوط أوى
نظرت لها مريم بعدم فهم :
-  يعنى إيه عنوانى
قالت ايمان موضحة وجهة نظرها:
- عنوانك يعنى لبسك ومظهرك الخارجي ... يعنى صحابك اللى ماشية معاهم ومصحباهم .....  يعنى وقفتك ومشيتك وطريقة كلامك وهزارك ... يعنى الأماكن اللى وافقة فيها أو جواها أو خارجة منها
قالت مريم بتأفف :
-  فاهمة ...  تقصدى سلمى مش كدة
قالت إيمان بصبر :
- مش سلمى وبس ... لا.. وكل سلمى ممكن تشبهك وتخلى الناس يفتكروكى زيها يابنتى الرسول عليه الصلاة والسلام قال : المرء على دين خليلة ؛ فلينظر أحدكم من يخالل
يعنى مافيش حاجة إسمها أصاحب واحدة تصرفاتها مش كويسة وأنا واثـقة من نفسى إنى مش هاعمل زيها ... فهمتى ...
والدليل على كدة إنك قبل ما تصاحبيها كان لبسك جميل ومحتشم ولا نسيتي ...
قالت مريم بعناد :
-  طيب يا إيمان سيـبـيـنى مع نفسى شوية لو سمحتِ أنا مخنوقة دلوقتى
قامت إيمان وقالت :
- ماشى هاسيبك بس عاوزاكى تعرفى إن أنا بحبك أوي وإنك أغلى واحدة عندي .. لكن ماتنسيش إنك مالكيش حجة أنا روحتلك كليتك كتير قبل كدة وشفت بنات محترمة كتير يعنى ماتجيش تقوليلى مش هلاقى أصحاب والكلام بتاع كل مرة ده .
عن إذنك بقى هانزل عشان ألحق الخطبة من أولها في المسجد ...
وإلتفتت إليها وأردفت:
-  ماتنسيش تنزلى بعد الصلاة علشان الغدا
زفرت مريم بقوه وقالت :
-  مش طايقة أشوف حـد ... مش نازلة
ضحكت إيمان وهى تفتح الباب قائلة :
-  يبقى إنتى لسه معرفتيش عمك لحد دلوقتى

تفاجأت إيمان بقبله على وجنتها من الخلف إلتفتت إلى وفاء بسعادة وهى تحتضها وتقول :
- وحشتينى يا إيمى
أبتسمت إيمان بسعادة وقالت:
-  وإنتى كمان والله .. أخبار المذاكرة إيه
وفاء:
-  إسكتى ياختى مش أنا اتخانقت مع المعيد بتاعنا
قالت إيمان بتسائل:
-  ليه يا وفاء
وفاء:
- عرضت عليه فكرة الرسالة بتاعته إنها تبقى مقارنه بين القانون الوضعي والشريعة
إيمان:
-  وبعدين
وفاء:
-  ولا قابلين ده طلع معيد فيونكة ولا فاهم أي حاجة فى الشريعة
ضحكت إيمان وقالت :
-  وإنتى بقى شرحتيله بطريقتك قام كرهها من غير ما يعرفها
نظرت لها وفاء بتعجب وقالت :
-  عرفتى منين
تابعت والدتها إعداد الطعام وقالت :
-  يابت خاليكى فى مذاكرتك وسيبك من الجنان ده متخليهوش يستقصدك
قالت وفاء بتحدى وهى ترفع السكين :
- أنا وراه والزمن طويل
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""
وفى إحدى المشاهد المتكررة كثيرا ولكنها محببة للنفس إلتف الجميع حول مائدة واحدة كبيرة ,,, تناولت إيمان طعامها سريعا وقالت وهى تقوم :
-  بعد إذنك يا عمى أنا نازلة
الحاج حسين :
- رايحة فين يا بنتى النهاردة الجمعة
إيهاب :
- أكيد عندك مقرأة ...
ثم تابع قائلا :
-  الله هو مش إنتى خدتى الإجازة بتاعتك
أومأت برأسها قائلة :
-  فعلا ... بس هاستلم شهادة الإجازة النهاردة
نظرت لها فرحه بتساؤل وقالت :
-  يعنى إيه شهادة الإجازة دى يا إيمان
أبتسمت إيمان بخجل وقالت :
-  يعنى شهادة معتمدة إنى ختمت القرآن برواية ورش وأقدر أدرسه فى أى مكان
قال الحاج حسين بأعجاب :
-  هو إنتى يا بنتى معاكى إجازه برواية حفص
قال ايهاب :
-  أيوه يا عمى دى خدتها الأول وبعدين دخلت على رواية ورش
قال الحاج ابراهيم :
- ماشاء الله ربنا يبارك فيكى يابنتى .....
قالت فرحة فى شغف :
- إحنا لازم نعملك حفلة يا إيمان لازم نحتفل بيكى
قال يوسف وهو يخطف نظرة سريعة إلى مريم :
-  آه طبعا لازم نحتفل بيها ياريت كل البنات كدة
أشاحت مريم بوجهها فهى تعلم أن الكلام موجه لها وقالت بخفوت :
- مبروك يا إيمان
قالت ايمان بحياء :
- لا حفلة إيه وبتاع إيه كفاية الكلمتين الحلوين دول ده أحسن تشجيع
نظرت وفاء إلى فرحة وقالت لها :
-  وأنا معاكى يا فرحة
وتابعت وهى تنظر إلى إيمان :
-  إنتى تروحى مشوارك ترجعى تلاقى الحفلة جاهزة ومستنياكى وهتلاقى الهدايا نازلة عليكى زى المطر
أبتسم عبد الرحمن قائلا :
-  ومش أى مطر
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
وفت وفاء بوعدها وقامت مع فرحة بتنظيم الحفلة السريعة ... ذهبت إليهما مريم وإيهاب الذى قال ممازحا :
- أنا قولت أساعدكم يعنى بصفتى بفهم فى الديكور ..
 ثم تابع على فكرة اللى إختار الركن ده فنان بجـد
قالت فرحه فى خجل :
- أنا اللى اخترته .. حلو
نظر فى عينيها قائلا :
- إلا حلو .. ده تحفة .. حلو خالص
ضربته مريم على كتفه قائلة :
-  إيه ياعم إنت أومال فين دروس غض البصر اللى كنت بتقولنا عليها
فغض بصره وهو يستغفر وقال :
-  طب أنا هستناكوا هناك لو أحتاجتوا تنقلوا ولا تشيلوا حاجه عرفونى
قالت مريم :
- ماشى يا عم هركليز
ضحكت الفتيات وبدأت كل واحدة تقوم بالعمل المخصص لها .. نظرت مريم إلى فرحة وهى تختلس النظر إلى إيهاب الذى يجلس بعيدا وقد لحق به يوسف وعبد الرحمن ووليد
فإقتربت منها قائلة بجرأة :
-  بصراحة الواد يتحب
إحمر وجه فرحة لكلمة مريم وقالت بصوت لا يكاد يسمع :
-  قصدك إيه يا مريم
رفعت مريم كتفيها مشاكسة:
-  قصدى إيه ؟!   لا ... ولا حاجه إشتغلى ياختى إشتغلى ربنا يوفقك
عادت إيمان بعد صلاة المغرب فوجدت الحديقة قد أعدت على أكمل وجه بعض الزينة البسيطة والورود المنثورة حول طاولتين كبيرتين عليهما بعض أنواع الحلوى المختلفة وبعض المشروبات الملونة تحت المظلة الخارجية الكبيرة التى وضع عليها الأنوار الملونة فكان المنظر رغم بساطته إلا أنه بديع ويحمل معانى الدفىء التى افتقدتها منذ زمن
إجتمعت العائلة الكبيرة فى الحديقة حيث قال الحاج حسين :
- لو كانت الحفلة دى بكرة كنت جبتلك الهدية اللى تستحقيها لكن ملحوقة إن شاء الله
وهنا قال عبد الرحمن بهدوء :
- أنا بقى عندى لإيمان هدية هاتخليها تعيط
قال ايهاب بمزاح :
-  طب إحتفظ بيها لنفسك
ضحك عبد الرحمن قائلا:
-  إستنى بس يا أخى
ثم توجه بالكلام لإيمان :
-  قوليلى بقى عندك جواز سفر
إيمان بحيرة :
-  لا ... ليه
عبد الرحمن :
-  طب إلحقى بقى طلعيه بسرعة علشان تلحقى الفوج السياحى
قالت بحيرة أكبر :
-  فوج إيه ؟!
قال بود:
-  ياستى الفوج اللى طالع بعد عشرين يوم ... إيه مش عاوزه تعملى عمره ولا إيه
نظرت بإمتنان له وقد برقت عينيها بدموع الفرح وكادت أن تبكى ولكنها قاومت دموعها بصعوبة وهى تقول :
-  جزاك الله خيرا يا عبد الرحمن بس مفيش داعى تكلف نفسك
تدخل الحاج حسين قائلا :
-  تصدق والله فكرة يابنى أنا كمان بقالى فترة نفسى أطلع عمرة
ثم إلتفت إلى زوجته قائلا:
-  ها يا عفاف تيجى معانا
قالت بسرعه ولهفه :
- إلا آجى طبعا هآجى
قال :
-  خلاص جهزى جواز السفر من بكرة يا إيمان
ثم أشار إلى إيهاب وقال :
- وانت بقى تاخد أجازة وتلف معاها على حكاية جواز السفر دى عاوزينه يطلع بسرعة علشان نلحـق نسافر
لم تستطيع إيمان أن تتمالك نفسها أكثر من هذا فانسابت دموعها على وجنتيها وهى تتمتم:
-  الحمد لله كان نفسى فيها من زمان...
فقبلتها أختها واحتضنتها وقالت :
-  ده عنده حق بقى لما قال هدية هتخاليها تعيط
أقبل الجميع يهنىء إيمان فى بهجة ومن وسطهم انسحبت مريم بهدوء إلى مكان بعيد نسبيا ووقفت تتأمل الأبواب الحديدية التى تحيط بالحديقة فى صمت وحزن وهى تشعر أن هذه الأبواب القاسية بداخلها تحيط بقلبها وتعتصره فى قسوة
تريد أن تتحرر
تريد أن تتقرب إلى الله مثل أختها لعلها تنال إحترام الجميع مثلها
ولكن هناك شىء يصدها دائما لا تعلمه
شعرت أن أحدا يقترب من المكان التى تقف فيه فإستدارت فوجدت يوسف يقف خلفها قائلا ببرود :
-  بابا بيسأل عليكى وقفه هنا لوحدك ليه
أشاحت بوجهها عنه وقالت :
-  حاضر جاية حالا ....
مرت بجواره لتعود أدراجها ولكنه استوقفها بإشارة من يده وقال بهدوء :
-  هسألك سؤال وعاوز إجابه بآه أو لاء ... ممكن ؟
قالت بضجر:
-  إتفضل
يوسف:
-  إنتى فى حاجة بينك وبين وليد
نظرت له بإستنكار وقالت :
-  لاء طبعا ... وعلشان تتأكد وليد بيقابل سلمى صاحبتى
وضع يديه فى جيبه وركل حصى صغيرة أمامه بخفه وقال ساخرا :
-  ده دليل ميشرفكيش على فكرة ... بالعكس
نظرت له بغضب وغيظ شديد ثم تركته ومضت فى طريقها حيث الإجتماع العائلى المبهج تحت مظلة الحديقة
مضت الأيام سريعا وإيمان تستعد للسفر لأداء العمرة بصحبة الحاج حسين وزوجته عفاف
وكانت المفاجأه أن عبد الرحمن أيضا سيذهب معهم لأداء العمرة فلقد كان يحتاج إلى مثل هذا الجو الروحانى ليخفف عنه ما يشعر به وليتقرب أكثر إلى الله بطاعة مثل هذه  تخرجه من حالة الحزن الداخلى الذى يشعر به بإستمرار ويخفيه بمزاحه ومداعباته دائما مع الجميع ...
*********************************
وبعد السفر بعدة أيام جاءت سلمى لزيارة مريم مرة أخرى ولكنها كانت على حريتها فى المنزل أكثر من المرة السابقة فكانت تتحرك بحرية ولكن مريم لم تكن على طبيعتها معها فلقد بدأت تشعر بأن سلمى تسبب لها الكثير من الأذى دون أن تعلم وخصوصا نظرات الغضب التى تراها فى عيون يوسف كلما رآها بصحبتها ...كانت بداخلها تعلم أنه على حق ولكنها كانت تكابر دائما بعناد شديد
وعندما حان وقت إنصراف سلمى وقفت عند باب الشقة وصافحت مريم لتذهب فعرضت عليها مريم أن تهبط معها ولكنها أبت ذلك فتركتها مريم وشأنها فهى أصلا لم تكن مرحبة بوجودها معها هذه المرة .
إستقلت سلمى المصعد وبعد أن أستقر وخرجت منه وجدت من يجذبها لداخل الشقة الموجودة بالدور الارضى بجوار المصعد والتى يستخدمونها فى تخزين الأشياء المهملة إلتفتت لتجده وليد ...
حاولت أن تتملص منه بصوت هامس حتى لا يسمعها أحد وهى تنظر حولها وتقول :
-  بس يا وليد مينفعش كده سيبنى
ولكنه جذبها إلى الداخل وأغلق الباب  بهدوء
وبعد ساعة كانت تعدل من مظهرها وتعيد شعرها إلى هيئته وتقول بدلع وهى تنظر إلى وليد :
-  على فكره بقى إنت متوحش دى طريقة برضه إنت مبتسمعش عن التفاهم أبدا
وليد بخبث:
-  لا مبسمعش وبعدين ما إحنا متفاهمين أهو .. ولا إيه ؟
إنتهت من تعديل مظهرها وقالت له :
- يالا بقى عاوزه أمشى
وكادت أن تفتح باب الشقةولكنه أوقفها قائلا :
-  إستنى هنا لما أشوف حد بره ولا لاء
فتح الباب ببطء ونظر حوله بحذر فلم يجد أحد فأشار لها بالخروج وبمجرد خروجها كان يوسف عائد من الحديقة وفى طريقه إلى المصعد فتفاجأ بها تخرج مع وليد من الشقة وهى تهندم شعرها وهو يلمسها بطريقة معينه بمزاح
بمجرد أن رأته إصفر وجهها وقالت فى خوف :
- يوسف
لم يستطع يوسف أن يتحمل كل هذه القذارة التى رآها فلم يتمالك نفسه وصفعها على وجهها وطردها من المنزل فأسرعت تركض للخارج
وتشاجر مع وليد وهدده أنه سيبلغ والده وعمه عن أفعاله هذه وأنه ينجس المنزل بتلك الأساليب الحقيرة ....
رأي وليد في عيون يوسف أنه سيوفى بتهديده فأراد أن يقطع عليه الطريق فتوجه له قائلا  بتحذير :
-  إنت لو قلت حاجة يبقى مش هتفضحنى أنا وبس ... لا ده إنت كمان هتفضح بنت عمك أمسكه يوسف من ملابسه بغضب قائلا :
-  تقصد إيه ؟
نظر له وليد نظرة الواثق قائلا :
-  أقصد إن سلمى مش أول واحدة تدخل الشقة دى يا يوسف وخلينى ساكت أحسن
ثم تابع بإنفعال زائف:
-  يعنى إنت تسكت أنا هدارى على شمعتها وأسكت لكن لو عملتلى فيها بطل ونضيف يبقى عليا وعلى أعدائى وهفضحها قدام العيلة كلها وإنت عارف بقى أنا فى الأول والآخر راجل ومفيش عليا لوم بالكتير هاخدلى كلمتين وخلاص ...
ثم دفع يدى يوسف بحدة وتركه وصعد فى سرعة إلى شقته
وقف يوسف غاضبا حائرا لا يدري ماذا يفعل ؟؟
هل وليد صادق أم كاذب ؟
ألم تخبره مريم أنه ليس بينهما أي علاقة !!!
ماذا يفعل !! كاد أن يصعد إليها ويجذبها من شعرها ويسألها عن الحقيقة ولكن خاف من الفضيحة ...ومن ايهاب
قضى ليلته فى الحديقة لم يذق طعم النوم وكلمات وليد تتردد فى عقله ...
يريد أن يبرئ مريم بأي شكل ولكن المشاهد المخزية التى رأى فيها مريم  تتصرف بأسلوب لا يليق بفتاة محترمة تتوالى أمام عينيه تمنعه من ذلك ...
تغلي دماؤه في عروقه غيرة على ابنة عمه ، وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يلتمس لها عذرا
كل الشواهد ضدها ...من وجهة نظره
لقد نجح وليد في زرع بذور الشك في أعماق قلبه
قطع أحبال أفكاره آذان الفجر يطرق مسامعه ...
فانتبه من جلسته ثم قام لأداء الصلاة لعله يرتاح مما يجيش به صدره ...
وبعد أن أدى الصلاة .. خرج منها بقرار حاسم ...
فقد قرر أن ينتظر والده حتى يعود من أداء العمرة ثم يخبره بما رآه وسمعه من وليد ...
نعم ... لا يوجد حل آخر  ...

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد ( الفصل الثالث عشر )

أغتصاب ولكن تحت سقف واحد
الفصل الثالث عشر



كانت فرحه تقف مع والدتها فى شرفة غرفتها المطله على الحديقه فى أنتظار ايهاب فلقد مضت عليها الايام  السابقه كئيبه ويكفى أنها كانت خالية من وجود ايهاب معها فى نفس المكان
لمعت عيناها بفرحه حقيقية وهى ترى أضواء سيارتا عبد الرحمن ويوسف يقترب من بوابة الحديقه الخارجيه أشارت الى البوابة بسعاده وهى تمسك بكف والدتها وتقول:
- جم يا ماما جم
وقفت عفاف فى بهجه وأرتسمت علامات السعاده على وجهها وقالت لفرحه:
-  يالا ندخل نقول لأبوكى بسرعه
دلفت عفاف للداخل وتوجهت إلى حيث زوجها وقالت :
- وصلوا يا حسين أنا هروح أفتح الباب
أبتسم فى سعاده وقال:
- أومال فرحه فين مش كانت معاكى
عفاف:
- بتلبس الحجاب وجايه 
وقف عبد الرحمن أمام المصعد وقال بأبتسامة كبيرة:
-  أطلعوا أنتوا بقى بالشنط وأنا ويويسف هناخدها سلالم
أعترض إيهاب قائلا:
- لا أنا هطلع معاكوا ...
ثم أشار إلى مريم وإيمان وقال:
- أطلعوا أنتوا يابنات بالشنط فى الأسانسير
ألقت مريم نظرة على يوسف فوجدته ينظر أليها بعتاب شديد دون أن ينتبه  ..  لا تعلم سر هذه النظرة المتواصله منذ أن خرجت من غرفتها وهى تحمل حقيبتها وألقت عليه السلام هو وأخوه وهو ينظر لها بعتاب دائما هل بسبب أنها تركت العمل لديه أم غير ذلك لا تعلم
أستيقظت من شرودها على صوت إيهاب وهو يكلمها بقلق :
- مالك يا مريم واقفه كده ليه
قالت مريم بانتباه:
- نعم .. لا مفيش حاجه  أنا داخله اهو
وكادت أن تدخل المصعد ولكنها أصطدمت بايمان التى خرجت منه مرة أخرى فى سرعه وقالت ل يوسف بلهفه:
- معلش يا يوسف ممكن تدينى مفتاح عربيتك
نظر لها بتسائل فى حين قال ايهاب:
- ليه يا إيمان نسيتى حاجه
أومأت برأسها قائله:
-  معلش نسيت حاجه مهمه ومينفعش أسيبها للصبح
قال يوسف بمزاح :
- أكيد حلة محشى صح
ضحك عبد الرحمن قائلا:
- يابنى أنت مبتفكرش غير فى الاكل ..هات مفاتيح عربيتك يالا
وأخذ مفاتيح سيارة يوسف وقال :
- أطلعوا أنتوا وأنا هروح أجيبها وأجى بسرعه
ثم وجه حديث لايمان قائلا:
- ها نسيتى أيه وفين
طأطأت رأسها بخجل وقالت:
- مج لونه أبيض فيه وردة بيضا على تابلوه العربيه
تذكر إيهاب وقال:
- اه صحيح نسيت أخدها فى أيدى وأنا نازل معلش يا إيمان
أبتسم يوسف وقال مداعبا إيهاب:
-  أيه ده الورده طلعت بتاعة اختك وأنا اللى كنت فاكر أنك جايبهالى علشان تعبرلى بيها عن أعجابك بسواقتى
ضحك كل من يوسف وإيهاب فى حين نظر لها عبد الرحمن بخجل وقد تذكر ما فعله من حماقهة معها من أجل أنقاها تلك الزهره  وذهب إلى الجراج الخاص فى صمت فى حين صعد الجميع إلى شقة الحاج حسين الذى ما أن وقعت عينيه عليهم حتى أبتسم بترحاب  وضمت عفاف مريم وإيمان ورحبت بايهاب كثيرا ,, أجتمعت الأسرة فى غرفة المعيشة وأقبلت فرحه متشوقه بملامح خجله  نظرت إلى إيهاب نظرة خاطفة   بخجل وشوق وألقت عليه التحيه وأحتضنت كل من إيمان ومريم بلهفة كبيرة
وما أن أخذ الجميع أماكنهم حتى دخل عبد الرحمن وفى يده الكوب الذى يحوى الزهره وقدمه لإيمان قائلا بنرة أعتذار:
- أتفضلى .. والله خدت بالى منها جدا وأنا جايبها حتى اسأليها
رفع نظرة فوجد والدته ووالده ينظران اليه بتسائل وعلى وجوههم أبتسامه :
- فقال شارحا:
- دى إيمان نسيتها فى عربية يوسف
وقفت فرحه بفضول وقالت:
- أيه ده معقول الورده دى شبه اللى عندنا تحت أوى
وضع عبد الرحمن كفه على وجهها ودفعها لتجلس مرة أخرى على مقعدها ثم يلتلفت الى الجميع وهو يقول بضحكه بلهاء:
- ههههههه منورين يا جماعه والله
نهضت عفاف وقالت:
- يالا يا جماعه العشا جاهز
وقفت مريم وقالت بحزن:
- معلش يا طمط أعفينى .. أنا هطلع أستريح أصلى تعبانه شويه
اقتربت منها عفاف بلهفه قائله:
- مالك يا مريم حاسه بأيه
مريم:
- ابدا مش تعب يعنى .. أنا بس مرهقه وعاوزه أنام
ألقت إيمان نظره إلى عمها ثم قالت:
-  وأنا كمان هطلع
وقف الحاج حسين أخيرا وقال بلهجه آمره:
-  مفيش نوم قبل العشا يالا على السفره
""""""""""""""""""""""""""""
خطت إيمان بخطوات بطيئه تنظر إلى مبنى الشركة الضخم أنه يفوق ما كانت تتصور أوقفها الأمن على البوابه ثم سمحوا لها بالدخول فور رؤيتهم لبطاقة هويتها الشخصية ظلت تنظر حولها فى أنبهار أثناء أتجاهها فى الطريق الذى يشير إليه موظف الاستقبال الذى يصاحبها فيه حتى وصلت إلى مكتب السكرتاريه الخاصه بعمها كانت تتوقع أن تنتظر برهه ليسمحوا لها بالدخول ولكنها تفاجأت بتواجد عمها شخصيا فى أستقبالها اأمام باب مكتبه الخاص وعلى وجهه أبتسامه كبيرة و مرحبة بها وقال:
- نورتى الشركة يا إيمان طب مش كنتى تقولى أنك جايه كنت بعتلك العربيه
جلست على أستحياء مقابلة له قائله:
- معلش يا عمى محبتش أتعبك
نظر لها الحاج حسين بعتاب قائلا:
- تتعبينى أيه بس أنتى مش هتبطلى الحساسيه الزايده دى
ثم أردف بود  :
- ها تحبى تشربى أيه
قالت بحرج:
- شكرا يا عمى أنا مش هطول
الحاج حسين:
- لا مينفعش لازم تشربى...
ثم أجرى أتصالاً وأمر لها بكأس عصير طازج ثم أجرى أتصالاً آخر بأخيه أبراهيم وتحدث معه فى بهجه واضحه:
- مش هتصدق يا أبراهيم مين عندنا فى الشركه  دلوقتى
ثم نظر لها مبتسما فبادلته الابتسامه فقال:
- إيمان فى مكتبى دلوقتى
أنهى الاتصال وألتفت لها قائلا:
- عمك مش مصدق قالى أقبض عليها لحد ما آجى أشوفها بنفسى
أبتسمت إيمان وهى تقول بخجل:
- ربنا يخاليكوا يا عمى  أنتوا بتعاملونا معامله مكناش نتوقعها ابدا
دخل الساعى ووضع كأس العصير وقبل أن يخرج دخل الحاج ابراهيم متهللا وجهه عندما وقع نظره على إيمان سلم عليها وقال:
- أزيك يا إيمان عامله ايه
- الحمد لله يا عمى بخير
- حمدلله على السلامه يابنتى نورتى البيت والشركة
- منوره بيكم يا عمى
شردت قليلا وهى تنظر إليهما لا تعلم كيف تبدأ حديثها بعد هذا الترحيب الكبير ماذا ستقول هل تبدأ بكلام أمها أم تسأل هى وكأنها لم تعلم ماذا حدث وأخيراً حسمت أمرها قائلة: ..
- عمى أنا عارفه أن الموضوع اللى أنا جايه فيها مينفعش أتكلم فيه فى الشغل لكن مكنتش عاوزه حد من البيت يسمعنا
تبادل حسين وأبراهيم النظرات المتسائله فتابعت فى تردد :
- بعد أذن حضرتك يا عمى أنا عاوزه أعرف الحقيقة منكم ... أيه اللى حصل زمان خلى أمى تطلق وتهرب بينا وتختفى عنكم وهل فعلا بابا الله يرحمه كان ليه فلوس عندكم ولا لاء؟
تبادلا النظرات مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت النظرات لها معنى آخر وساد الصمت لبرهه
قطعته إيمان وهى تنظر إليهما وكأنها قد أستشعرت الحرج فى نظراتهم فقالت:
- وأنا هقبل الحقيقه دى مهما  كانت
ابراهيم:
- هو أنتى يا بنتى أمكوا محكتلكوش على حاجه
إيمان :
- حكتلنا حاجات كتير وكنا مصدقنها لكن لما عشنا معاكوا وشوفناكوا مبقناش متأكدين من أى حاجه
حسين:
- قالتكوا أيه يا بنتى
ايمان:
- ياعمى من فضلك أنا لو كنت واثقه أن اللى أعرفه صح مكنتش جيت النهارده أنا زى ما يكون كان بيتحكيلى على ناس تانيه غيركوا من فضلك يا عمى ريحنى ولعلم حضرتك مريم عارفه أنى جايالكم النهارده لأن هى كمان عاوزه تعرف الحقيقه ومرضتش أقول لإيهاب لإنى لو قلتله كان هيصمم يجى معايا وأنا عارفه إيهاب حمقى ومش هيستحمل كلمه على ماما وأنا لسه مش عارفه االماضى كان شكله ايه
أومأ ابراهيم برأسه موافقا لها وقال:
- عين العقل يابنتى
تنهد حسين تنهيده قويه وهو يقول:
- أنا كنت عارف أن مسيركم تسألوا وكنت خايف من اللحظه دى ثم نظر الى ابراهيم وكأنه يستشيره ماذا يقول وماذا يخفى فقرر ابراهيم ان يرفع عنه الحرج فبدأ بالحديث قائلا:
- شوفى يا بنتى ...
قاطعه حسين قائلا :
- أستنى يا ابراهيم قبل أى كلام لازم نبعت نجيب كل الدفاتر والمستندات علشان يبقى الكلام بالدليل
أجرى حسين أتصالاً بالموظف المسؤل عن حسابات الشركه ...أتى الموظف بالمستندات المطلوبه ووضعها على الطاوله أمام ايمان كما أمره الحاج حسين وأنصرف
أشار لها الحاج حسين قائلا:
- دى كل المستندات ومتأرخه بصى على التواريخ وراجعى الحسابات وده العقد اللى أبوكى الله يرحمه مضاه بأنه أخد كل فلوسه وعمل تخارج من الشركه لما كانت لسه صغيره وأخد نصيبه منها كله
وده أعلام الوراثه بتاع أملاك جدك الله يرحمه علشان ينورك أكتر خدى كل دول معاكى وأعرضيهم على أى محاسب ومحامى تثقى فيه وساعتها هتعرفى الحقيقه
ثم اردف ابراهيم متابعاً:
- مفيش غير حاجه واحده بس مش موجوده على ورق ... جدك الله يرحمه أشترى الارض اللى مبنى عليها دلوقتى البيت الكبير لكن ملحقش هو اللى يبنيه بعدها على طول  توفاه الله وأكتشفنا أن الارض خرجت من الميراث لان جدك كتبها بأسمى انا وحسين قبل ما يموت
أكمل حسين:
- وأوعى تفتكرى يا بنتى أن جدك ظالم علشان كتب الارض بأسمى انا وابراهيم بس وأبوكى لاء
جدك ساعتها كان عنده بعد نظر وكان متأكد ان ابوكى هيسحب ورثه كله ومش هيتبقاله حاجه تعيشه وساعتها وصانى قبل ما يموت أننا نبنى البيت  ويبقى ده بيت العيله الكبير ويبقى لاخويا علي الله وولاده نصيب فى البيت بنصيبهم فى الارض .. يعنى انتوا يابنتى عايشين فى ملككوا مش ضيوف عندنا
كانت إيمان تسمع وكأنها تشاهد فيلم أبيض وأسود وترى المشاهد أمامها فقالت بخفوت:
- بس الارض باسم حضرتك وعمى بس يعنى قانونا أحنا مالناش حاجه فيها
أبتسم حسين قائلا:
- أديكى قولتى قانونا .. لكن ضميرنا عارف أن جدك كان نيتوا أن الارض تبقى لينا أحنا التلاته وجدك مربينا ومتأكد أننا مش هنخالفه حتى بعد ما يموت ... جدك كان عاوز يجمعنا مع بعض  بعد مماته زى ما كان جمعنا فى حياته
قالت ايمان وقد لمعت عينيها :
- بس ده مخالف للشرع 
أومأ حسين براسه:
- صح يا بنتى الميراث بالذات لازم يبقى قانونى ومكتوب لان النفوس والضماير بتتغير
لكن جدك كان ده تفكيره ساعتها علشان يحافظ اللى الحاجه الوحيده اللى هتبقى مجمعانا فى بيت واحد ومكان واحد وبصراحه هو كان عنده بعد نظر وكلامه أتحقق فعلا أبوكى الله يرحمه أخد ورثه كله ودخل فى مشاريع بعيد عننا وكلها خسرت ولو كان عارف أنه ليه حق فى الارض كان باعه هو كمان
توترت إيمان وشعرت أن عقلها غير قادر على فهم كل هذه المفاجآت فى آن واحد:
- أنا مش فاهمه يا عمى ... ايه اللى يخلى بابا يبعد عنكم كده وياخد ورثه ويشتغل لوحده
تردد حسين فقال ابراهيم:
- أمك هى السبب
وقعت الكلمه على أذنيها ثقيله رغم أنها كانت تتوقع الكثير فقالت:
- أزاى يا عمى أمى هى السبب
حسين :
- ده تاريخ طويل يابنتى ملوش لازمه نفتح فيه دلوقتى ...
ثم اردف :
- ومعلش يابنتى ليا عندك طلب
إيمان:
- أتفضل
قال محذراً:
- مش عاوز حد يعرف دلوقتى بحكاية حقكوا اللى فى  الارض ... أنا هقولهم بنفسى بس مستنى الوقت المناسب..
أومأت برأسها موافقة وقالت :
- حاضر يا عمى محدش هيعرف ... بس حضرتك وعدتنى تجاوبنى على أسألتى لكن جاوبتنى على سؤال الورث والفلوس بس ورافض تجاوبنى على الباقى
واردفت فى رجاء:
- أرجوك يا عمى ريحنى .. أنا عاوزه أعرف ليه أمى بتكرهكوا أوى كده ايه اللى حصل بينكوا زمان ايه اللى يخلى واحده تطلق تاخد عيالها وتهرب
ثم أستدارت له بجسدها كله قائله:
- ياعمى أحنا أتعذبنا أوى أحنا عشنا فى بلدنا زى الغرب بنخاف نقول أسمنها الرباعى بنخاف نجيب أسم عيلة جاسر على لسانا ... ماما كانت محسسانا أنكوا لو عرفتوا طريقنا هتقتلونا وكانت مفهمانا أن أنتوا السبب فى طلاقها من بابا الله يرحمه وكل ده علشان الورث اللى هو مالوش وجود أصلا  كنا عايشين مع جوز أم بنكرهه ومكنش لينا مكان تانى نروحه علشان كده أنا وأخواتى مكنش لنا غير بعض كنا بنتحاما فى بعض  لحد ما ربنا من علينا وأحنا فى ثانوى وجالهم شغل بره ومحدش فينا رضى يسافر معاهم وقعدنا هنا مع بعض نذاكر ونعتمد على نفسنا ونشتغل كمان علشان مكناش عاوزين قرش من جوز أمنا
ليه يا عمى أمى تشوفنا كده وتفضل تكرهنا فيكوا وتبعدنا عنكوا الا اذا كان فى سبب قوى
فهمنى يا عمى يمكن قلبى يهدى شويه
ثم بدأت فى البكاء وقد عادت اليها آلام السنين والذكريات السيئه
نهض اليها حسين وبدأ فى تهدئتها فأشار له ابراهيم  أشاره معناها وكأن يقول دع الامر لى جلس ابراهيم أمامها مباشرة وقال :
- أنا هريحك يابنتى
رفعت إيمان رأسها وقالت برجاء:
-  ياريت ياعمى
ابراهيم:
- يابنتى الحكايه قديمه من ساعة ما كانت جدتك فى مشاكل بينها وبين أختها سميحه أم أمك لدرجه أنهم قطعوا بعض بسبب المشاكل دى كانت بتكبر لدرجه أنها وصت أن محدش من ولادها يتجوز بنتها أحلام  ..أمك يعنى
لكن بقى أبوكى حبها وصمم يتجوزها بدون رغبة جدك ..جدك ساعتها غضب عليه وقاطعه لانه خالف وصية أمه الله يرحمها
وفضلت العلاقات مقطوعه بين أبوكى وجدك لكن أحنا كنا بنسأل عنه وبنعرف أخباره وبعد جدك ما مات دخلنا شركه مع بعض ,, أبوكى فضل معانا لحد ما أمك فضلت وراه لحد ما سحب نصيبه من الشركه وكانت بتفهمه أننا بنسرقه ومع الاسف كانت بيصدقها من كتر ما كان بيحبها
بعد ما خد نصيبه أبتدت أمك تدخله فى مشاريع خسرانه وهو ماشى وراها لحد ما خسر كل فلوسه وأبوكى كان مريض من وهو صغير كان عنده مشكله كده فى القلب
طبعا مستحملش الخساره الكبيره دى ودخل المستشفى  وساعتها أمك مكنتش بتزوره خالص لأننا كنا موجودين دايما معاه وهى كانت بتخاف تواجهنا  لأنها عارفه أنها السبب وأنها هى اللى وقعت بينا وبينه فى الوقت ده أبوكى وصانا عليكوا وأننا لازم نراعيكوا ونضمكوا لحضننا ونربيكوا وسط ولادنا وأحنا عاهدناه على كده
بعدها أمك راحتله المستشفى وهو قالها بوصيتوا لينا أتخانقت معاه وصممت أنه يطلقها وهو تعبان كده,, أبوكى كان مضايق منها حاسس أنها دمرتله حياته فراح مطلقها
ومات فى نفس اليوم وأمك خافت أننا ناخدكوا منها هربت وأخدتكوا معاها وضحكت علينا عن طريق البواب وفهمتنا أنها هربت على المطار
طبعا أحنا عرفنا بعدها أنها كانت حجزه تذاكر فعلا لكن ساعتها اللبخه اللى كنا فيها مخلتناش نتأكد هى ركبت الطياره فعلا ولا لاء
وطبعا خدتكوا بعيد عننا وأحنا كل ده بندور عليكوا بره مصر وعن طريق المطار والكشوفات بتاعة المسافرين
قالت ايمان وهى مازالت مشدوهة مما تسمع :
- ايوا بس ماما مسافرتش طيران خالص حتى لما سافرت مع جوزها سافرت برى
ابراهيم:
- وهى دى غلطتنا يابنتى أننا كنا بندور فى الاتجاه اللى هى رسمته لينا ومدورناش فى اتجاه تانى لحد ما وفاء بنتى لفتت أنتباهنا لانكم ممكن تكونوا فى مصر من الاساس وان كل ده كان وهم امك عيشتنا فيه
بس طبعا ده جه متأخر أوى لان أمك كانت قررت تعرفنا طريقكوا وبعتتلنا الجواب
نظرت ايمان الى عمها حسين فوجدت فى عينيه نظرة امتنان لاخيه ابراهيم تفرست فى ملامحه جيدا فشعرت أن عمها ابراهيم لم يقل كل الحقيقه
قالت موجهة حديثها الى حسين :
- عمى ... هى دى كل الحقيقه؟هو ده كل اللى حصل ؟
نظر لها فى ارتياح قائلا:
- ايوا يا بنتى عمك قالك كل حاجه
شعرت أنهما لن يبوحا بأكثر مما قالا لها وتأكدت بأن هناك شىء ما ولكن مع الاسف سكوتهما عنه يؤكد أنه شىء مخجل
نهضت لتنصرف ولكن حسين قال مسرعا:
- أستنى يا ايمان نسيتى الملفات والورق ده
هزت رأسها نفيا وقالت بابتسامه مكسوره:
- ملهمش لازم يا عمى أنا مصدقه كل كلمه قلتها
قال بتصميم:
- مفيش حاجه أسمها ملهمش لازمه
وأمسكها من يدها وأدخلها غرفة الاجتماعات الملحقه بمكتبه وقال لابراهيم:
-  لو سمحت يا ابراهيم اتصل بالمحامى والمحاسب وخاليهم يجوا حالا
حاولت ايمان ان تذهب ولكنه كان أشد تصميما من ذى قبل على ان تجلس ايمان مع المحاسب والمحامى  ليشرحوا لها الاوراق ويطلعوها على الامر برمته
"""""""""""""""""""""""""""""""""
خرجت ايمان من الشركه بين مشاعرها المتخبطه المختلطه وكأن مشاعرها ريشه فى مهب الريح نعم هى سعيده أنها علمت أنها تعيش فى ملك أبيها وليست كضيفه عند أعمامها ونعم قد شعرت بصدق مشاعر الحنان من أعمامها رغم تأكدها أنهم لم يصرحا بكل شىء ونعم قد عرفت حكاية زواج أمها بأبيها وطبيعة هذا الزواج رغم علمها بانه كان زواج قائم على الطمع من أمها والثقه العمياء المفرطه من ابيها  رغم علمها أن تلك الحقيقة  منقوصه وتفتقد حلقه مهمة لوصلها ولكنها أرتاحت قليلا كانت تود ان تصر على معرفة كل شىء كانت تود ان تصرح بشكوكها تجاه والدتها ولكنها تذكرت قول الله تبارك وتعالى ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم
فأبت الا الصمت لان بصيرتها تؤكد لها ان ما خفى عنها سوف يسوئها كثيرا
سوف تؤجل هذا فيما بعد والزمن كفيل ان يكشف الكثير
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
عادت الى المنزل دخلته ولاول مره تشعر أنها فى مكانها وصعدت الى عفاف زوجة عمها أحتضنتها وقبلتها وعرضت عليها مساعدتها فى أمر الطهى وقفت بجوار عفاف فى المطبخ وقالت بشكل عفوى :
- أنتى عارفه يا طنط أنى كنت عند عمى دلوقتى فى الشركه
ارتفع حاجبى عفاف بدهشة وقالت بابتسامة :
- لا.. بجد   ده تلاقى عمك طار من الفرحه ده كان نفسه أوى تزوريه أنتى بالذات يا إيمان عمك بيقدرك اوى
أبتسمت ايمان فى حب وقالت:
- وأنا كمان بقدره وبحبه جدا ...
ثم اردفت وهى تنظر الى عفاف:
- مش أنا كمان عرفت كل حاجه
 ثم تنهدت تنهيده طويله وقالت :
- عمى حكالى كل حاجه مكنتش أتصور ابدا أن ماما تعمل كده
ظنت عفاف أن ايمان تتحدث عن عبد الرحمن وهند وسبب فسخ الخطبه فقالت بسرعه:
-  أوعى تزعلى يا ايمان والله عبد الرحمن عارف أنك ملكيش دعوه لا أنتى ولا أخواتك وان أمك بتتصرف كده  من دماغها وأرجع وأقول العيب مش عليها لوحدها العيب على خطيبته اللى كانت عامله نفسها بتحبه وفى الاخر تطلع ببتجسس وبتنقل لامك الاخبار بس عمل خير أنه رمى دبلتها وأبوه مسكتلوش على اللى عمله معاكى وعرفه غلطه وحسسه بالذنب
تفاجأت ايمان بكلمات عفاف ووقعت عليها كالصاعقه الى هذا الحد أمها بهذا السوء
نعم الان قد عرفت سر عبوس عبد الرحمن وقسوته ...لماذا أطاحت بها كلماته فى الحديقه لماذا كان ينظر لها بغضب شديد وأخيرا عرفت السبب الحقيقى وراء أهتمام عبد الرحمن برجوعها المنزل مرة أخرى ولماذا ذهب اليها عند المدرسه ليعتذر لها ولماذا أرسل لها الرساله وجاء هو وأخيه وأعادهم الى البيت الكبير ولماذا نظراته كلها أعتذار وأسف ... فقط يشعر بالذنب
جلست مع نفسها طويلا وشعرت بمدى الالم الذى يعتمل بداخل عبد الرحمن خطيبته التى يحبها وكان يتصور أنها تحبه تظهر على حقيقتها بهذا الشكل المؤسف تنقل أخباره هو وعائلته ولمن ؟ لصالح أمها هى !...  يا الله كيف تتحمل ذلك كيف تستطيع أن تنظر اليه ... كانت تجلس فى الشرفه ورأته يروح ويغدو فى الحديقه ذهابا وأيابا
نعم هو ألم الفراق هى لا تستحق ولكن قلبه مازال متعلق بها لا يزال يتذكرها
نظرت فى الكتاب الذى تحمله فوجدت بعض الكلمات وكأنها كتبت له فتناولت هاتفها وكتبتها فى رسالة وأرسلتها اليه
كان يدور فى الحديقه بلا هدف وفجأه سمع صوت هاتفه معلنا عن رساله جديده تناوله وفتحها
وقرأ فيها
سيفتح باب إذا سد باب ..... نعم وتهون الأمور الصعاب
ويتسع الحال من بعد ما ..... تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع العسر يسران هون عليك ..... فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب